اعتبر محللون أن اغتيال محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد أمس، الذي تبناه تنظيم «داعش»، رسالة من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وأتباعه بأن البديل في المناطق المحررة، سيكون الجماعات المتطرفة، مثل «القاعدة» و«داعش». وقال المحللون إن عمليات الجماعات المتطرفة الأخيرة في عدن وغيرها «محاولة مكشوفة وصريحة لتحويل اليمن إلى عينة أخرى من العراق وسورية، وإعادة هيمنة الجماعة الحوثية باعتباره وكيلاً محلياً لإيران». وقال رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن صقر ل«الحياة»: «ما زال علي صالح يقف خلف هذه العمليات، وهو الأكثر ارتباطاً ب«داعش» و«القاعدة»، ويؤكد من خلالها للكل أن أي مناطق تتحرر؛ فإن «داعش» سيكون البديل. لذلك يتم التركيز الآن على محافظة عدن؛ من أجل ترهيب الحكومة وعدم الاستمرار في أداء مهامها». وأكد ابن صقر أن المطلوب من الحكومة اليمنية الآن هو «إعادة ترتيب وتشكيل الجهاز الأمني». وأضاف: «قابلت أمس نائب الرئيس رئيس الوزراء المهندس خالد بحاح، وقلت له إن من أخطر الأمور الوضع الأمني بعد عمليات «داعش» في بعض المناطق المحررة خلال اليومين الماضيين». وأشار إلى أن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو وجود خلاف بين القيادات السياسية العليا في اليمن والذي له تداعيات كبيرة، على حد تعبيره. وفي سؤال عما إذا كانت هذه العمليات تسعى إلى جلب الدعم الروسي للمليشيات الحوثية وصالح، قال رئيس مركز الخليج للأبحاث: «إن من مصلحة صالح والحوثي جلب روسيا إلى اليمن». من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات الدكتور نجيب غلاب: «إن عملية اغتيال محافظ عدن تمثل استهدافاً مباشراً للشرعية وللتحالف العربي»، لافتاً إلى أن هناك ثلاثة أطراف متداخلة لها علاقة بما حدث، هي: قوى التطرف والإرهاب، وأطراف الانقلاب في صنعاء، وبعض القوى الإقليمية والدولية التي اتخذت من استهداف العرب استراتيجية ثابتة؛ لإفشال مشاريعهم التي تحاول أن تثبت الأمن والسلام في دولهم الوطنية. ورأى غلاب أن «قوى الإرهاب أصبحت هي حبل نجاة بشار الأسد في سورية، وأصبح العالم يتعامل مع ديكتاتور ذبح أكثر من 300 ألف شخص وشرد نصف الشعب». وتابع: «في العراق أصبح الإرهاب هو القوة التي فرضت سيطرة إيران وهيمنتها على العراق، واليوم يراد لليمن أن يتحول إلى عينة أخرى، ليصبح الإرهاب مدخلاً لإعادة الهيمنة الحوثية، باعتباره وكيلاً محلياً لإيران.» ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء بأن «الأمور أصبحت مكشوفة وبلا حجب، والهدف الأساس هو تثبيت مصالح القوى الإيرانية في المنطقة، وتثبيت نفوذها واستهداف مباشر وبلا حياء للمشروع العربي»، على حد وصفه. وأردف: «الاغتيالات التي حصلت في عدن ليست إلا تدشيناً لحرب ترفض استعادة الدولة اليمنية، وهو استهداف مباشر للتحالف العربي». وأشار نجيب إلى أن قدوم روسيا اليوم إلى اليمن ليس من مصلحتها، لكنه استدرك بقوله: «لكن يبدو أن هناك ضغطاً على الخليج باتجاه ترك الملف السوري لروسيا، ومقايضته باليمن، إلا أن هذا الأمر لن ينطلي على أحد، فالمخطط واضح، وهو إيصال الأوضاع في اليمن إلى حال الفشل؛ لإعادة إنتاج وشرعنة الانقلاب. ومن الواضح أنهم لا يريدون هزيمة الحوثي وصالح، ويريدون إعادة إنتاجهم من خلال الحل السياسي، وما حدث في عدن ليس إلا ضرباً، هدفه إنقاذ جناحي الانقلاب».