احتدم الجدل أمس داخل أروقة مجلس النواب الأردني على خلفية قرار حكومي سابق قضى برفع أسعار اسطوانة الغاز المنزلي ورسوم ترخيص المركبات، بعد التباين الحاد في مواقف النواب حيال وساطة المكتب الدائم في المجلس ومدى شرعية صلاحياته في عقد تفاهمات مع الحكومة. وعلى مدار يوم أمس، اشتبك المكتب الدائم في مجلس النواب (الرئيس ونوابه ومساعدوه) بحوار مع رئيس الحكومة عبد الله النسور والوزراء المعنيين في شأن آلية التراجع عن القرار الحكومي، وذلك خلال الاجتماع الذي وصفته مصادر ب «الجاف والمتشجنج»، مشيرة الى انه شهد خلافاً حاداً بين رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ورئيس الوزراء». وقالت ل «الحياة» ان «الاجتماع كاد أن ينفض مبكراً من دون التوصل الى تسوية لولا عودة النسور وإبداء مرونة أكبر في التوصل الى تفاهمات». وقضت التسوية الحكومية النيابية بإلغاء رفع سعر اسطوانة الغاز، وتعويض قيمته بالرفع على بقية المشتقات النفطية، على ألا تتعدى نسبة الرفع القيمة المقدرة في الموازنة، في حين أبقت الحكومة على قرار خفض رسوم ترخيص المركبات ذات المحركات الصغيرة، وحصر الرفع بالمركبات ذات المحركات الكبيرة والحديثة الصنع. وبين الموقف النيابي المنقسم من قبول تسوية المكتب الدائم، ووصفها بال «عودة عن قرار الرفع الحكومي»، أو ما وصفه نواب ب «التذاكي الحكومي على موقف النواب»، عاد مجلس النواب الى الانقسام خلال جلسته المسائية في شأن قبول وساطة المكتب الدائم لجهة صلاحياته في تمثيل كامل أعضاء المجلس في قبول التسوية أو رفضها. وانتهت الجلسة مساء أمس تحت القبة من دون جلاء للموقف النيابي في مدى حسمه في استمرار مواجهته مع الحكومة، أو قبوله تسوية المكتب الدائم، بعد أن هددت أقطاب نيابية مؤثرة ب «حجب الثقة»، وفق تصريحات تلقفتها مواقع التواصل الاجتماعي منسوخة عن صفحاتهم. وقاطع نواب، خلال الجلسة المسائية، رئيس الوزراء أثناء تقديمه مبررات القرار الحكومي الملتزم خطة الإصلاح الاقتصادي والتزامات الحكومة سياسات الدول المانحة وسياسات صندوق النقد الدولي، وهتفوا بشعار «ارحل»، فيما طالبهم رئيس مجلس النواب بالتزام النظام الداخلي للمجلس. وفيما انتهت جلسة مجلس النواب أمس بقراءة وزير المال الأردني عمر ملحس خطاب مشروع قانون الموازنة لعام 2016، فإن اعضاء المجلس غادروا على نية تقديم مذكرة حجب الثقة عن الحكومة، لكن الأمانة العامة لمجلس النواب لم تتسلم أي كتاب رسمي في ذلك. وواجهت حكومة عبد الله النسور تهديدات نيابية بحجب الثقة في أكثر من قضية، لكن النواب لم يختبروا قدراتهم في إسقاط الحكومة سوى مرة واحدة، ولم تنجح بالتصويت على حجب الثقة بتهمة تقصيرها في متابعة تحقيقات استشهاد القاضي الأردني أكرم زعيتر برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء دخوله الضفة الغربية عبر جسر الملك الحسين. وكانت حملة شعبية قامت ضد الحكومة، وقادتها أقطاب سياسية نيابية تشهر خصومتها لحكومة النسور، ودخل رؤساء حكومات سابقون على خط النقد السياسي للحكومة بعد تصريحات قاسية صدرت عن رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي فنّد فيها حجة الحكومة لزيادة الإيرادات، وتبعتها تصريحات للرئيس السابق طاهر المصري الذي حذّر من «سياسات إفقار المواطن»، لتسبق ذلك تصريحات ناقدة طرحها رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي خلال ندوة له في الجامعة الأردنية الخميس الماضي. كما تصدّر هذه المواقف موقف الائتلاف النيابي بزعامة النائب خالد البكار الذي اعتبر ان «انفراد الرئيس بقراراته أوصل علاقة الحكومة بمجلس النواب إلى طريق مسدود ونقطة تحوّل حاسمة»، موضحاً أن هذه «المواجهة الحاسمة ما كانت لتكون لولا عنجهية رئيس الوزراء وسياساته الفردية التي لا تقبل الشراكة».