تظاهر عدد من الناشطين في العاصمة الموريتانية نواكشوط يوم الثلثاء الماضي، احتجاجاً على استمرار سجن محمدّو ولد صلاحي، آخر سجين موريتاني في معتقل غوانتنامو. وطالب المتظاهرون بالإفراج عن ولد صلاحي الذي لم يخضع لمحاكمة عادلة. واستجاب للدعوة كل من «المرصد الموريتاني لحقوق الإنسان» وجمعية «إنصاف» الحقوقية ومجموعة من المدونين والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي. وطالب المحتجون الحكومة الموريتانية بالضغط على واشنطن لإطلاق سراح السجين رقم 760 القابع في السجن الأميركي منذ 14 عاماً، رافعين صوره ولافتات كتبت عليها شعارات، منها «غوانتنامو.. وصمة عار في جبين الإنسانية»، و«غوانتنامو.. نهاية عصر التشدق بالحريات». من هو محمدو ولد صلاحي؟ وُلِد محمدو ولد صلاحي عام 1970 وله 11 أخاً وأختاً، في مدينة روصو الواقعة على الحدود مع السنغال. توفي والده حين كان في ال13 من عمره، لتتجه الأسرة بكاملها إلى العاصمة نواكشوط في العام 1988. وحصل على منحة للدراسة في ألمانيا، في قسم الهندسة بجامعة دوسبورغ. في العام 1991، سافر صلاحي إلى أفغانستان، وخاض تدريباً عسكرياً في قندهار ، وأعلن ولاءه لتنظيم «القاعدة»، لكن لأن «المجاهدين بدأوا بتدشين جهاد ضد بعضهم البعض» كما يقول صلاحي، انسحب من المشهد وعاد إلى استئناف دراسته في جامعته الألمانية. وعمل صلاحي في شركات اوروبية بعد إتمام دراسته، وانتقل إلى كندا عام 1999، واحتفظ بتواصله مع مجموعة من المنتسبين ل"القاعدة"، أحدهم كان قريباً له، واثنان قابلهما خلال عامه الأخير في ألمانيا. وقال صلاحي إنه تخلى عن ولائه ل«القاعدة» عام 1992، ونفى الإتهامات الموجهة إليه بأنه ساعد على جلب أعضاء جدد للتنظيم أثناء إقامته في ألمانياوكندا. وتم التحقيق معه في شأن علاقته بالجزائري أحمد رسام الذي حاول إدخال متفجرات إلى الولاياتالمتحدة عبر الحدود الكندية، والذي كان يرتاد المسجد نفسه الذي يصلي فيه ولد صلاحي، ووضع تحت المراقبة بسبب ذهابه إلى أفغانستان. وشعر صلاحي بالقلق وقرر العودة إلى موريتانيا مطلع عام 2000، واعتقل مرتين خلال رحلته إلى بلاده، المرة الأولى في السنغال، والثانية لدى وصوله إلى موريتانيا. وأطلق سراحه مجدداً، بعدما حصل على وظيفة في شركة موريتانية، لكنه في 29 أيلول (سبتمبر) 2001، اعتقل مرة أخرى وحقّق معه محققون أميركيون لمدة أسبوعين. وفي 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2001، جاء فريق من الأمن الموريتاني إلى بيته وأمره بمرافقته، لتبدأ رحلته إلى غوانتنامو بعد 8 أيام من التحقيق. ووضعته وكالة الاستخبارات الأميركية في طائرة سرية ونقلته إلى الأردن ومنها إلى أفغانستان، وأخيراً إلى غوانتنامو. وفي العام 2010، أصدر أحد القضاة الفيدراليين حكماً يقضي بإطلاق سراحه. لكن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، استأنفت الحكم وبقي ولد صلاحي في غوانتنامو. يوميات غوانتنامو للمرة الأولى في تاريخ غوانتنامو يتمكن سجين من كتابة مذكراته ونشرها، بينما لا يزال معتقلاً. وتمكّن ولد صلاحي من تسريب مذكراته عبر الكاتب والناشط الحقوقي لاري سيمز، الذي ساهم في نشر الكتاب الذي ترجم إلى 23 لغة وحمل اسم «يوميات غوانتنامو». وصدرت النسخة العربية من الكتاب عن دار الساقي في 480 صفحة من الحجم الكبير. ورصد ولد صلاحي في مذكراته حياته الشخصية والدراسية والمهنية، وتحدث عن طفولته وأسرته، عن ابتعاثه للدراسة إلى ألمانيا، وتحدث عن علاقته ب«القاعدة» والشخصيات النافذة، التي تعرف عليها أثناء التحاقه بمعسكراتها، وعن مسيرته مع رموزها وقادتها، وتحدث عن تفاصيل ترحيله من نواكشوط وحتى غوانتنامو مروراً بكل مراحل الرحلة. وتحدث عن كل تفاصيل سجنه والظروف التي عاشها والتعذيب النفسي والبدني والإهانات اللفظية والجسدية التي تعرض لها، والطريقة البوهيمية التي يعامله بها سجانوه في غياب تام للقانون ولاحترام أبسط أبجديات حقوق الإنسان. يذكر أن وزارة الدفاع الأميركية حذفت بعض المقاطع من شهادات صلاحي، قبل أن يحصل الكتاب على الموافقة الأمنية لنشره.