دعم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي جهاز الشرطة في مواجهة الانتقادات التي يلقاها نتيجة اتهامات لضباط بالتعذيب حتى الموت، لكنه في الوقت نفسه أطلق من أكاديمية الشرطة تعهدات بمحاسبة المتجاوزين في أجهزة الأمن. وحض الضباط والطلاب على «حسن معاملة المواطنين». وطفت على السطح أخيراً تجاوزات الشرطة في وقائع عدة، أبرزها وفاة شاب في الأقصر وطبيب في الإسماعيلية بعد ساعات من توقيفهما. واتهم ذووهما ضباطاً في الشرطة بقتلهما نتيجة التعذيب. وأمرت النيابة العامة بحبس 4 ضباط في الأقصر وضابط في الإسماعيلية على ذمة التحقيقات في الواقعتين. وتعهدت وزارة الداخلية محاسبة من يثبت تورطه في أي انتهاكات. ويشكو مواطنون من سوء معاملة على أقل تقدير في أقسام الشرطة، فضلاً عن إمكان التعرض لانتهاكات لفظية أو حتى بدنية في التعامل بين الشرطة والمواطن. وعادة ما تتبرأ وزارة الداخلية من أي انتهاكات تثبت على أفرادها، وتؤكد أنها «فردية، ولا تعبر عن نهج المؤسسة الأمنية»، وهي وجهة النظر التي تبناها السيسي في كلمة وجهها إلى طلاب وضباط وقيادات أكاديمية الشرطة التي زارها أمس مع وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار. وسعى السيسي في كلمته إلى مناصرة الشرطة في مواجهة «الإشاعات والدسائس». لكنه في الوقت نفسه تعهد محاسبة المتجاوزين. وقال إن «الحوار الذي أجريته مع الطلبة (في كلية الشرطة) جيد ومريح جداً. الشرطة المصرية لها دائماً في تاريخ مصر مواقف رائعة جداً، ودور بارز لإرساء الأمن والاستقرار في المجتمع». وخاطب الحضور قائلاً: «تقومون بدور عظيم في ظروف صعبة. توفير الأمن والاستقرار والسلام للناس، كي لا يُروّع المواطن في وطنه. لكم فضل كبير جداً في هذا الأمر... تتذكرون الشعار الذي أطلقناه. شعار الجيش والشرطة والشعب يد واحدة. هذا الشعار لم نُطلقه كي نُكرره، لكن كي نعيشه ونظل مصرين عليه، لأنه ملحمة عظيمة لا بد من أن نحافظ عليها ونعي لها». وشدد على أن «بعض الممارسات الفردية الخاطئة لا يتعين تعميمها أو انسحابها على جهاز الشرطة ككل، خصوصاً أن الحكومة تسعى بدأب إلى ترسيخ دولة القانون الذي يمثل الإطار الحاكم للعلاقة بين رجال الشرطة والمواطنين»، مؤكداً أن «من أخطأ في أي مؤسسة من مؤسسات الدولة ستتم محاسبته». وقال: «نريد ترسيخ دولة القانون، وهذه ممارسة صعبة. أتحدث عن فرد الشرطة أو ضابط الشرطة، أريدك أن تكون منصفاً ومتجرداً وأنت تنتمي إلى هذا الجهاز. نريد أن نطبق دولة القانون، وحين يُخطئ أحد لا يمكن أبداً أن يُحسب هذا الخطأ على كل الناس. هذا الموضوع مهم جداً. نريد أن نحافظ دائماً على القيم العظيمة التي تقدمونها للناس. هذا الأمر لا بد من أن يكون أمام أعينكم، ولابد للقادة الكبار من أن يتحركوا ليعطوا المثل والقدوة والنصيحة». وأضاف: «حين يخطئ أحد سيحاسب، لأن هذا أمر يجب أن نأخذه بجدية. (لكن) خطأ فرد لا يجب أن يُحسب على الجهاز... نتحدث عن 300 مقر للشرطة في البلاد، نسب التجاوز في قسم أو اثنين رغم أننا نرفضها، لكنها لا يجب أن تحسب على 300 قسم. لا أريد أن يُمس أي إنسان، وأقول لضباط وأفراد الشرطة ان المواطن المصري الذي تتعامل معه أخوك أو أكثر... هذه ليست الرسالة التي أتيت بها (لكنني) أتيت كي أشكركم لأن الجهد الذي تبذلونه كبير. بذلتم جهداً عظيماً في تأمين الانتخابات، وهذا أمر مقدر جداً. الرأي العام رأى أن الشرطة تقوم بالموضوع بتجرد وحيادية». واعتبر أن «مصر معلقة في رقابكم أنتم والجيش. كل المحاولات التي تحدث للمساس بأمن مصر أنا واثق من قدرتكم على إحباطها، ومتأكد من أنكم تقدمون دائماً المثل والقدوة للمواطن المصري في تعاملكم معه... محاولة الإساءة وكسر الوحدة والاصطفاف لن تنتهي. الإشاعات والكذب والافتراء والدسائس لن تنتهي. نريد مزيداً من التلاحم، ومزيداً من نكران الذات ومزيداً من التضحية والعطاء». ورأى أن «أمن وسلام المصريين - وبلا مبالغة أمن وسلام المنطقة - في أعناقكم. إذا حدث مكروه لمصر، فلن تستطيع المنطقة أن تواجه التحديات. أقول هذا الكلام لمن ألتقيهم في الخارج، وهم يعرفون أن مصر هي عمود المنطقة الذي يمنع أن تعم فيها الفوضى».