دخلت الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن منعطفاً خطراً يمكن أن يؤثر على المواجهة بين الحكومة الشرعية ومسلحي الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي صالح، وذلك في ظل الخلاف بين الرئيس عبدربه منصور هادي ونائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، وبعد سيطرة تنظيم «القاعدة» أمس على جعار وزنجبار، أكبر مدينتين في محافظة أبين (50 كلم شرقي عدن) وفشل أنصار الرئيس عبدربه منصور هادي (اللجان الشعبية) في الدفاع عنهما. من جهة أخرى، حصلت «الحياة» على مسودة جدول جولة المحادثات الذي أعده المبعوث الخاص الى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ويتوقع ديبلوماسيون أن تعقد في جنيف في حدود العاشر من الشهر الحالي. ويشكل تطبيق قرارات مجلس الأمن، وخصوصاً القرار 2216 البند الأول من الورقة، بناء على تسلسل زمني يبدأ من «التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل، والاتفاق على آلية انسحاب المجموعات المسلحة والترتيبات الأمنية بما يجنب الفراغ الأمني، وإعداد خطة للتخلي للدولة عن الأسلحة الثقيلة من جميع الأطراف، وإعادة العمل بشكل كامل بمؤسسات الدولة، والاتفاق على الخطوات التي ستسمح باستئناف الحوار السياسي». وقال ديبلوماسيون إن ولد الشيخ أحمد توصل الى توافق بين الأطراف اليمنيين على الورقة التي أعدها «باسثناء تفاصيل لا يزال يعمل على حلها، ويمكن تجاوزها». وستعقد المحادثات بين وفدين يتألفان «من 6 مفاوضين و6 مستشارين لكل منهما ولا يحق لأي ممثلين آخرين الدخول إلى مقر المحادثات أثناء انعقادها». كما يجب أن يتمتع «كل وفد بصلاحيات كاملة للتفاوض على اتفاقات ملزمة» على أن «يتم منع وسائل الإعلام من دخول المقر» باستثناء صور الافتتاح. وكان مسلحو تنظيم «القاعدة» سيطروا أمس على مدينتي جعار وزنجبار بعد مواجهات محدودة في منطقة «المخزن» مع «اللجان الشعبية» الموالية لهادي قتل خلالها 15 شخصاً على الأقل بينهم القيادي في اللجان علي السيد وهو شقيق قائد «اللجان» في أبين عبد اللطيف السيد. وفجر مسلحو التنظيم الذين يقودهم جلال بلعيدي المرقشي المعروف في أوساط التنظيم بأبي حمزة الزنجباري مقر قيادة «اللجان الشعبية» ومنازل قيادات فيها في مدينة جعار. وقال مصدر عسكري إن السيطرة على زنجبار من شأنها تأمين خط إمداد بين مدينتي المكلا الواقعة تحت سيطرة «القاعدة» وعدن. كما اعتبرت مصادر يمنية أن تنظيم «القاعدة» بطرده القوات الموالية لهادي من جعار، أمّن موقعه في زنجبار. وتمكنه هذه الخطوة من تعزيز تواجده في عدن، وإرسال تعزيزات من المكلا على طول الساحل شرقاً. وفي تعليقه على التعديلات الحكومية قال بحاح إن «العبث يجب أن ينتهي»، مؤكداً أنه «يوم أن نعجز عن دفعه سنكون أكثر وضوحاً مع شعبنا وإخواننا ومع أنفسنا قبل ذلك». وأضاف في تدوينة على حسابه الرسمي في موقع «فايسبوك»: «علينا ألا نسمح للخطأ بأن يمر وأن يتكرر، ولا مجال للمواربة والخوف والقلق، فهي من أسباب بقائنا في دوامة العبث والصراع الداخلي، ولن نخرج منها إلا بتضافر الجهود وإخلاص النيات للوطن فحسب». وظهرت بوادر الخلاف بين هادي وبحاح قبل أشهر، عندما فرض هادي تعيين الدكتور رياض ياسين وزيراً للخارجية، فيما تمسك بحاح بعبدالله الصائدي المُعين في الحكومة أثناء تشكيلها، لكن الانقلاب حال دون تمكنه من ممارسة مهماته. ورأى مراقبون في التغييرات التي أجراها هادي بتعيين نائبين لرئيس الوزراء من ذوي الخبرة السياسية الطويلة، هما وزيرا الداخلية حسين عرب والخارجية عبدالملك المخلافي، تقليصاً لصلاحيات بحاح، وربما «إقالة غير معلنة». إلى ذلك، هزت انفجارات عنيفة العاصمة صنعاء أمس إثر غارات جوية شنتها مقاتلات التحالف على مواقع يسيطر عليها الحوثيون والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقالت مصادر في الجيش والمقاومة إن 40 من ميليشيات الحوثي وقوات صالح قتلوا، وأصيب 70 في قصف صنعاء ومعارك تعز. وأشار المصدر إلى إصابة عدد من مسلحي الحوثي وصالح، في كمين استهدف تعزيزات للميليشيات في منطقة جهران، في محافظة ذمار، كانت متوجهة إلى محافظة تعز. واستهدف الهجوم أحد الأطقم التابعة للميليشيات في منطقة رصابة التابعة لمديرية جهران، على الطريق العام الذي يربط صنعاء بمحافظة ذمار ومحافظات أخرى. وعلى الحدود الجنوبية للسعودية المحاذية لليمن، شنت طائرات التحالف أمس عدداً من الغارات استهدفت في مدينة حرض اليمنية مبنى يسيطر عليه الحوثيون وقوات صالح، ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات المسلحين، في حين دمرت المقاتلات كهوفاً في مران وحيدان التابعة لمحافظة صعدة معقل زعيم ميليشيا الحوثي يتحصن فيها مسلحون لشن هجمات على حدود السعودية.