فشلت المفاوضات التي جرت أخيراً في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين القوات السورية والمعارضة في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، وفق ما ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وأوضح "المرصد" أن أسباب فشل المفاوضات غير واضحة، مشيراً إلى أن المحادثات استمرت بضعة أيام وكانت تجري بوساطة من طرف دولي. وذكر مدير "المرصد" رامي عبد الرحمن أن الاتفاق ينص على "وقف لإطلاق النار لمدة أسبوعين"، وأن "جيش الإسلام هو المفاوض الرئيس من جهة الفصائل". وكانت مفاوضات جرت في مناطق عدة في سورية في محاولة للوصول إلى هدنات في مناطق المواجهات. ففي مدينة الزبداني قرب العاصمة دمشق والفوعة وكفريا، شمال غربي البلاد، جرى اتفاق على وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة في 12 آب (أغسطس) الماضي، بين مقاتلين من حركة "أحرار الشام" الإسلامية من جهة، وبين قوات النظام والمسلحين الموالين لها ومقاتلي "حزب الله" من جهة ثانية، بعد شهر من جهود للوساطة لم يسبق لها مثيل قامت بها تركياوإيران، لكنها انهارت بعد تمديدها إلى 72 ساعة. وذكر "المرصد السوري" أن "وقفاً لإطلاق النار لمدة 48 ساعة في الزبداني وبلدتين في محافظة إدلب، أبرم أيضاً في 26 من الشهر ذاته، بين الجيش السوري ومسلحي المعارضة"، إلا أنه انهار هو الآخر بعد خلافات حادة بين الوفد الإيرانيودمشق. وذكرت شبكة "الدرر السنية" أن "الوفد الإيراني وافق على طلب إطلاق سراح آلاف المعتقلين، بينهم نساء وأطفال محتجزون لدى النظام، لكن الأخير رفض ذلك ولم يستجب لطلبات إيران في هذا الخصوص". وفي نيسان (أبريل) 2014، أعلن "المجلس المحلي" في الزبداني هدنة مدتها ستة أيام قابلة للتمديد بين "الجيش الحر" وقوات النظام لاستكمال المفاوضات بهدف التوصل إلى مصالحة تشمل كامل المدينة، وفق ما أفادت شبكة "سمارت" المعارضة. وكانت قوات النظام السوري و"حزب الله" هددا ب"حسم عسكري" في المدينة بعد سيطرتهما على منطقتي رنكوس ومعلولا المجاورتين، ما دفع وجهاء الزبداني إلى التوسّط بين الجانبين المتحاربين لتجنب اقتحام النظام والموالين له المدينة. وفي كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، رفضت "الجبهة الإسلامية"، وهي تحالف يضم عدداً من الفصائل الأساسية الفاعلة في ساحة القتال، مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لوقف إطلاق النار في حلب، كبرى مدن شمال سورية، وقالت إن "القبول بوقف إطلاق النار في حلب يعني قبولها حلولاً جزئية، بينما المطلوب تغيير نظام الرئيس بشار الأسد". وأكد قائد "المجلس العسكري الثوري" في محافظة حلب العميد الركن زاهر الساكت في شباط (فبراير) الماضي، أن "خطة دي ميتسورا هي مجرد خطة لإنقاذ (الرئيس السوري بشار) الأسد، وأعلن رفض الجيش السوري الحر أي تفاوض مع نظام الأسد." وفي شباط من العام الماضي أيضاً، أكدت الأممالمتحدة توصلها مع النظام السوري إلى هدنة إنسانية في مدينة حمص، ما يسمح بإمكان خروج مدنيين منها ودخول مساعدات إنسانية إليها. وقال الناطق باسم الأممالمتحدة فرحان حق إن المنظمة رحبت بالتقارير عن الاتفاق على الهدنة. وأعلن بعد أسبوع من بدء الهدنة تمديدها لثلاثة أيام، وقال محافظ حمص طلال البرازي إنه "جرى تمديد وقف النار، إذ كان هناك مزيد من الناس الراغبين في مغادرة المدينة القديمة المحاصرة"، لافتاً إلى أن أسبوعاً من الهدنة أدى إلى إجلاء 1400 شخص حتى الآن بينهم 220 شخصاً لا يزالون يخضعون للاستجواب من جانب أجهزة الأمن السورية". وكانت "وكالة الأنباء الرسمية السورية" (سانا) أعلنت "توصل البرازي والممثل المقيم للأمم المتحدة في سورية يعقوب الحلو إلى اتفاق يقضي بخروج المدنيين الأبرياء من المدينة القديمة وإدخال مساعدات إنسانية للمدنيين الذين اختاروا البقاء داخل المدينة". وذكرت الوكالة في 5 أيار (مايو) من العام الماضي أن "المعارضة السورية المسلحة ستخلي أحياء حمص خلال ساعات، تنفيذاً لاتفاق هدنة جرى التوصل إليه مع الحكومة السورية". وأعلن "الائتلاف الوطني السوري" أن الاتفاق بين قوات النظام وعناصر المعارضة يقضي بوقف إطلاق النار لثلاثة أيام، وخروج مقاتلي المعارضة بسلاحهم في اليوم الثالث للاتفاق في اتجاه شمال محافظة حمص، في إطار ضمانات من الأممالمتحدة بعدم المس بهم، فيما كشف معارضون سوريون أن الاتفاق جرى بمشاركة إيرانية، ويشمل أيضاً تبادل أسرى، بينهم إيرانيون وعناصر من "حزب الله" تحتجزهم المعارضة شمال البلاد. وتجاهلت وسائل الإعلام السورية الهدنة، على رغم أن محافظ حمص أكد وجود المفاوضات. ولعبت "الجبهة الإسلامية" دوراً في المفاوضات نيابة عن المقاتلين. وانهار أكثر من مرة اتفاق هدنة في مخيم اليرموك، جنوبدمشق، ففي آب (أغسطس) من العام الماضي، اتهمت "جبهة النصرة" النظام بخرق اتفاق الهدنة، إذ قصفت قوات النظام المخيم، تزامناً مع "اشتباكات عنيفة بين جبهة النصرة والجبهة الشعبية بزعامة أحمد جبريل"، وفق المرصد. وكانت مسودة الاتفاق تشمل 11 بنداً بينها "تشكيل لجنة عسكرية مشتركة وتشكيل قوة أمنية لحفظ الأمن، ومنع دخول أي شخص متهم بالقتل وضمان عدم وجود أي سلاح ثقيل داخل المخيم، في مقابل عدم تعرض المخيم لأي عمل عسكري، إضافة إلى تسوية أوضاع المعتقلين ووقف إطلاق النار فوراً". ودخل اتفاق المصالحة حيز التنفيذ في آب (أغسطس) الماضي في حيي القدم والعسالي جنوبدمشق، مع وجود تحذيرات من "جبهة النصرة" بنقض الهدنة في حال خرقت من جانب النظام السوري، فيما تعثرت المفاوضات في مدينة داريا. وجرى في العام الماضي توقيع اتفاقات تسوية في معضمية الشام، جنوب غربي دمشق، وفي ببيلا ويلدا جنوباً وبرزة البلد شمال العاصمة، إضافة إلى اتفاق في حمص القديمة وتنفيذ إجراءات بناء الثقة في حي الوعر في حمص، وسط البلاد. وتتضمن كل الاتفاقات إعطاء مقاتلي المعارضة السلطة داخل أحيائهم، مع تحميلهم مسؤولية محاربة "الغرباء والمتطرفين".