أكد متخصصون في علم الجريمة والاجتماع والاقتصاد أن ترك الحبل على الغارب بخصوص التكاثر غير المدروس، وعدم القدرة على توفير البيئة المناسبة لتربية الأبناء وتوفير حاجاتهم النفسية والمادية، يفتح المجال لانحراف الأبناء وضياعهم، ما يؤدي إلى انتشار الجريمة. وقال أستاذ علم الجريمة في جامعة الملك سعود الدكتور صالح الدبل: «بعيداً عن التأييد أو الرفض لفكرة تنظيم أو ضبط النسل، فإن واقع الحال يشير إلى عجز الأسر عن تغطية تكاليف الأبناء والبنات، لانشغال الآباء في أعمالهم اليومية وقضاء معظم اوقاتهم خارج المنزل»، مضيفاً: «لم يعد الآباء قادرين على التربية والمتابعة اللصيقة للأسرة، وهذا الواقع يفتح مجالاً لانحراف الأبناء». وأضاف: «من أشكال الانحراف التي قد تحصل، تغذية السلوك الإجرامي، بارتكاب السرقات وبيع أو إدمان المخدرات» مشيراً إلى أن «فكرة العزوة» في إنجاب عدد كبير من الأولاد التي كان يقتنع بها كثيرون بدأت بالتقهقر، بسبب التغير الاجتماعي السريع. وعزا سبب الخوض في قضية تنظيم النسل في المملكة أخيراً، إلى الشح في الوظائف والبطالة والأزمات الاقتصادية وصعوبة الدخول للجامعات والحصول على وظائف، ودفع رجال الدين إلى تقبل الأمر بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية الملحة. وخلص الدبل إلى أن مفهوم تنظيم النسل مفهوم عملي وواقعي يحقق أهداف الأسرة وأهداف المجتمع بشكل عام، «فهو يراعي الظروف الاقتصادية للأسرة وقدرتها على التربية والتوجيه بالتعامل مع عدد قليل من الأبناء، وتوفير الوظائف والأعمال الكافية لأفراد المجتمع والتقليل من الضغط على الخدمات وقلة الجرائم الناتجة من التزاحم والتزايد والبطالة. ولم يعارض عضو الجمعية الاقتصادية عبدالحميد العمري فكرة تحديد النسل، بل أيدها، «لما لها من آثار اجتماعية فمعظم المجرمين هم لآباء يعانون خللاً ثقافياً وسلوكياً ينعكس عليهم، وهو ما ينتج لنا مجموعة من الأولاد ناقصي العقل والسلوك. وهناك دراسات عدة خرجت لنا بتوصيات بتنظيم النسل وأنه واجب ديني واجتماعي ووطني». من جانبه، اعتبر أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود الدكتور سليمان العقيل أن الحد الأدنى التي وضعته طبيعة البشر بين المولود الأول والثاني يتمثل في مدة زمنية قدرها عامان، «وهي كافية أن تربي ابنك تربية جيدة، بحيث يعطي الإنسان نفسه وزوجته فرصة للتحكم في أموره». وأضاف: «ضيق ذات اليد وقلة الرواتب من باب أولى أن تجعل الإنسان يحدد كم يريد من الأولاد كي يتناسب مع دخله». وربط عضو جمعية الاقتصاد السعودية محمد العمران بين تنظيم النسل ونسبة التعليم وتكاليف المعيشة، «ونحن من الناحية الاقتصادية تهمنا تكاليف المعيشة، فلو قارناها بالسابق لوجدنا أن تكاليف المعيشة كانت محدودة، أما الآن فقد أصبحت المعيشة مرتفعة، وهذا يلعب دوراً كبيراً في تنظيم عدد أفراد الأسرة».