توقّعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 13.3 بليون دولار عام 2014 إلى 8.7 بليون دولار هذه السنة، بنسبة 34.6 في المئة. وعزت في تقرير أصدرته أخيراً عن «المستجدات الاقتصادية والاجتماعية في اليمن» خلال تشرين الأوّل (أكتوبر)، هذا التراجع إلى أسباب أهمها الانعكاسات المباشرة للحرب في معظم المحافظات اليمنية (عدن وتعز وصعدة وأبين ولحج والضالع ومأرب وعمران وصنعاء وإب والجوف والحديدة وحجة)، والتي أدّت إلى تدمير البنى التحتية والمنشآت العامة والخاصة وتعطيل كثير من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية. وأظهر التقرير أن الانكماش الاقتصادي غير المسبوق يعود إلى وجود أزمات حادّة في الوقود والكهرباء والغذاء والمياه والنقل والتعليم والرعاية الصحية، وكذلك تعليق دعم المانحين الذي بلغ نحو 7.1 بليون دولار خلال الفترة 2012 - 2014، وتدنّي النفقات العامة للدولة وتجميد البرنامج الاستثماري العام، فضلاً عن تعثّر إنتاج النفط الخام وتوقّف الصادرات النفطية وغير النفطية وتقييد الواردات. ولفت إلى انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات مقلقة، إذ قدّر ب326 دولاراً فقط عام 2015، ما يعني مزيداً من السكان تحت خط الفقر وارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفع أصلاً، ومزيد من انتشار سوء التغذية بين الأطفال. وشهد الاقتصاد اليمني صدمات متوالية خلال الفترة الماضية، إذ نجمت الصدمة الأولى من الأزمة المالية العالمية في نهاية عام 2008 التي أدّت إلى تراجع أسعار النفط الخام وإيراداته وبالتالي تدهور الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي عامي 2009 و2010. وتجلّت الصدمة الثانية في عملية التغيير السياسي عام 2011 وما صاحبها من اختلالات أمنية وتدهور حاد في المؤشّرات والموازين الاقتصادية الكلية ومعيشة السكان. وجاءت الصدمة الثالثة في النصف الثاني من عام 2014، إذ اجتاح الحوثيون صنعاء في 21 أيلول (سبتمبر) وسيطروا على أجزاء واسعة من البلد. وقبل أن يتعافى الاقتصاد من الصدمات السابقة، اتّسع نطاق الصراعات المسلّحة خلال العام الحالي، ما أدّى إلى مزيد من تدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي. وقال وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد عبد الواحد الميتمي، إن عوامل النمو الاقتصادي في اليمن «أثخنت وأوهنت قواه الحية، فلم يعد قادراً على توليد فرص عمل لامتصاص البطالة، كما تجمّدت كثير من قطاعاته الاقتصادية وخلاياه الحية، وأصبحت المؤشّرات الاقتصادية تشهد مزيداً من التدهور مع مرور كل يوم». ورأى أن الاقتصاد «دخل بالفعل مرحلة حرجة هي أقرب إلى غرفة الإنعاش، إذ انهارت الخدمات الأساسية وانكمش النشاط الاقتصادي واختفت المشتقات النفطية وتصاعدت أسعار السلع وانتعشت السوق السوداء بخاصة للمشتقات وأسعار الصرف». وأكد أن وزارته «تحاول إنقاذ الاقتصاد من هذا المصير الكارثي، فشرعت في إعداد برنامج لإعادة الإعمار والتنمية والتعافي الاقتصادي بالتعاون مع شركاء التنمية».