واصلت ضغوط أنباء الانكماش الاقتصادي الذي يحيق باقتصاديات العالم نتيجة الأزمة المالية بالتأثير سلبا على أرباح شركات النفط العالمية حيث تراجعت أرباح معظمها خلال الربع الأول من العام الحالي بنسبة 30% مسببة تآكلا في الهوامش الربحية لجل المشتقات البترولية وتقلصا في المشاريع الاستثمارية التي تنوي الشركات تنفيذها لتعزيز تدفق إمدادات المواد النفطية المكررة إلى أسواق الطاقة. وقد دفع هذا التقلص في أرباح المصافي النفطية إلى تخفيض طاقتها الإنتاجية بنسبة تراوحت ما بين 20 -30% لتفادي تبعات الانكماش الاقتصادي وما سيصاحبه من تقهقر في الطلب على مصادر الطاقة وهبوط حاد في أسعار النفط الذي سيفضي إلى تعميق خسائر المستثمرين الذين يتكبدونها منذ بروز أزمة الائتمان العالمية. وزاد من وجل مستثمري النفط استمرار الطلب العالمي على الوقود بالتراجع بصورة أدت إلى تضييق الهوة بين أسعار النفط الفورية والآجلة " ما يسمى بظاهرة الكنتتقو" ما جعل المضاربين في عقود النفط يرون بأن أرباحهم في هذه العقود غير مضمونة أو ربما أنهم سيتعرضون إلى مزيد من الخسائر في المستقبل وهو ما دفعهم إلى البحث عن ملاذات أكثر أمنا لاستثماراتهم المالية ويتخوف خبراء الطاقة والمال من أن هذا التراجع في أسعار النفط سوف يؤثر على الاستثمارات النفطية ويتسبب في قلة إمدادات البترول ما يشكل شحا في التدفقات البترولية عند تعافي الاقتصاد العالمي وهو ما سيضاعف أسعار الطاقة إلى مستويات ربما تكبح تنامي الاقتصاد بصورة لا تحقق تطلعات المخططين الإستراتيجيين. ويذهب معظم المحللين النفطيين إلى أن تخفيض طاقة المصافي النفطية لن يكون في صالح التنمية الاقتصادية والصناعية في ظل قلة الاستثمارات في هذا المجال وعدم قدرة المصافي الحالية على مواجهة الطلب العالمي على المشتقات البترولية إذ أن جل المصافي العالمية العاملة في الوقت الحاضر منهكة لبلوغها من الكبر عتيا ولعدم وجود برامج لتطوير معظمها الأمر الذي قد لا يمكنها من تلبية احتياجات العالم من الطاقة الضرورية في المستقبل وهو ما سيخلق أزمة قادمة يجب أن توضع لها حلول مناسبة منذ الآن تفاديا لوقوع مشاكل تكبح تقدم الاقتصاد العالمي. من جهة ثانية جر انخفاض الأسهم في الأسواق الآسيوية أمس الجمعة أسعار النفط إلى أن تخسر جزءا من مكاسبها التي حققتها خلال الأسابيع الماضية وتهبط إلى مستوى 49 دولارا للبرميل لخام ناميكس القياسي متأثرة ببيانات إدارة الطاقة الأمريكية التي أشارت إلى ارتفاع المخزونات الأمريكية إلى أعلى مستوياتها في 19 عاما الأسبوع الماضي. ويتوقع المحللون النفطيون أن يتشكل مسار أسعار النفط خلال الأسبوع القادم وفقا لعدد من المعطيات الاقتصادية العالمية ومنها نتائج اختبارات الضغوط على البنوك الأمريكية المنتظر صدورها يوم الرابع من مايو وكذلك مؤشرات طلبيات السلع المعمرة الأمريكية ومبيعات المنازل الأمريكيةالجديدة في مارس وبيانات الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا التي ستعطي انطباعا عن مدى تحسن الاقتصادي العالمي. وانتعشت أسعار الذهب أمس بنسبة 1% لتصعد إلى 915 دولارا للأوقية بعد إعلان الصين أنها تشتري الذهب لتعزيز احتياطياتها ما أعطى المضاربين مؤشرا على وجود طلب متزايد على الذهب في المستقبل وهي فرصة للدخول في صفقات يرون بأنها رابحة ومعززة لاستثماراتهم.