يستقبل عالم الغناء بين الحين والآخر اسماً جديداً يشكل في ذاته محطة ومعلماً وعلامة فارقة في تاريخ الفن... يكثر المشاهير والناجحون، وأصحاب الشعبيات التي تبنى في ساحة الغناء بطريقة أو بأخرى. وإذا أخذنا مجال الغناء النسائي في الغرب، نرى أنه في السنوات الأخيرة، «ضربت» أسماء عدة: بريتني سبيرز بجرأتها وفضائحها، كريستينا أغيليرا بغرابتها، جنيفر لوبيز بجاذبيتها، ليدي غاغا بجنونها، كايتي بيري بجمالها الهوليوودي... ولكن المغنيات اللواتي حققن شهرة ونجاحاً بفضل أصواتهن قليلات. ويمكننا هنا التحدث عن ريهانا، وشينيد أوكور، وإينيا... ولكنْ، النجاح لا يعني دائماً الاستمرارية لأن المستمع يملّ ويبحث عن الجديد. خارج الفئتين، قلة من المطربات اللواتي يفرضن حضوراً دائماً بالصوت الشجيّ الذي يفوق كل اعتبارات الشكل وسواه من أدوات «الترويج». وعلى رأس هذه الفئة النادرة تقف البريطانية أديل. هي البرهان على أن ثمة من لا يزال يتحدى الفن الرخيص بصوته وبالأغنيات التي يقدمها. وتتربع أديل، ولا مفاجأة، على عرش العالم الموسيقي بألبومها الأخير «25» الذي حطم وسيحطم أرقاماً قياسية. على رغم سنّها الصغيرة، حققت أديل (27 سنة) شهرة عالمية مستحقة، ونالت جوائز كثيرة عن ألبوماتها القليلة، ودخلت موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية من خلال ألبومها «21» عن أكثر من فئة، منها أنها الفنانة الأولى التي دخلت أغنيات عدة من ألبوم واحد لها قائمة «بيلبورد هوت 100»، الأمر الذي لم يستطع أحد إنجازه بعد فرقة «البيتلز» عام 1964. ومنذ أن صدر ألبوم أديل الأول عام 2008 بعنوان «19» حصدت نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والتجاري، واحتل الألبوم المرتبة الأولى في بريطانيا وحصل على 7 أسطوانات بلاتينية. بلغت مبيعات الألبوم 6.5 مليون نسخة عالمياً. وعام 2009، فازت أديل بجائزتي «غرامّي»، وبعدها بأسبوع وصل الألبوم إلى المرتبة العاشرة في الولاياتالمتحدة. تعززت مسيرتها الفنية في الولاياتالمتحدة عند ظهورها في برنامج «ساترداي نايت لايف» وفوزها بتلك الجوائز. وعام 2011 أصدرت ألبوم «21» الذي أشاد به معظم النقاد، ما جعله يتخطى نجاح ألبومها الأول، لتحصل بفضله على 6 جوائز «غرامّي» عام 2012، وتبلغ مبيعاته 28 مليون نسخة عالمياً. تواصلت النجاحات المدوّية التي حققتها الفنانة الشابة، فاختارتها مجلة «بيلبورد» أفضل فنانة للعام 2012، كما احتلت المرتبة الخامسة في قائمة «أعظم 100 امرأة في الموسيقى»، أدرجتها مجلة «تايم» ضمن قائمة «أكثر الأشخاص تأثيراً في العالم». عام 2013، فازت بجائزتي «غولدن غلوب» وأوسكار في فئة «أفضل أغنية أصلية» عن «Skyfall» التي أدتها للفيلم ال 23 من سلسلة «جيمس بوند». وخلال سنواتها القليلة في المجال الفني، حصلت على تقديرات أبرزها أنها صاحبة أكثر الألبومات التي نالت شهادات موسيقية في تاريخ بريطانيا ب 16 أسطوانة بلاتينية، وكان ألبومها الثاني رابع أكثر ألبوم بيع في تاريخ بريطانيا، وهي الفنانة البريطانية والأوروبية الوحيدة التي تنال الأسطوانة الماسية في الولاياتالمتحدة في أقل من سنتين. ما يميّز أديل إضافة إلى صوتها القوي والحنون في آن واحد، هو أنها تكتب الجزء الأكبر من أغانيها، فتضع فيها إحساساً مرهفاً يُظهر الحزن والحياة الصعبة التي عاشتها في طفولتها. فعندما كانت تبلغ سنتين، تركها والدها وحيدة مع والدتها التي كانت تبلغ آنذاك 20 سنة والتي كافحت وتعبت لتربيتها. قد يكون لهذا الأمر تأثير كبير في حياة أديل، لكن موهبتها لها الفضل الأكبر في إيصالها إلى ما هي عليه اليوم. فهي بدأت تغني عندما كانت تبلغ 4 سنوات في المدرسة وفي المناسبات الاجتماعية العائلية وبين أصدقائها. وعندما تخرجت في المدرسة، سجّلت أغنيتين ونشرتهما على الانترنت، فسمعهما مسؤولون في شركة إنتاج اسمها «xl» أصدرت لها أغنيتها الأولى Hometown Glory التي كانت سبباً رئيساً لنجاحها ووصولها إلى الجمهور. تأثرت خلال نشأتها بفرقة «سبايس غيرلز» البريطانية وبيونسي وأليشا كيز. وهي اليوم تتخطى الجميع بما وصلت وما يمكن أن تصل إليه. ألبومات قليلة أوصلت أديل إلى العالمية وجعلت منها نجمة كبيرة تلمع في فضاء الفن الواسع، وهي التي اعتبر بعض النقاد أن «تكاوينها الجسدية الممتلئة» لا تؤهلها للنجومية... تحدتهم ووصلت إلى أعلى المراتب وجعلتهم يشاهدون الأمير تشارلز يكرمها في قصر باكنغهام ويمنحها رتبة عضو في الإمبراطورية البريطانية تقديراً لمساهماتها في مجال الموسيقى... والآتي «أعظم».