تتميز بحيرة ماتكا الواقعة على مسافة 15 كيلومتراً غرب العاصمة المقدونية سكوبيا، بأنها محاطة بمشاهد خلابة قلما ترى العين مثيلاً لها في الطبيعة. لذا، يقصدها عدد كبير من السكان المحليين والسياح على مدار السنة، أي حتى في فصل الشتاء حين يسود الثلج ببياضه المهيب. هي «جوهرة الطبيعة» وواحدة من الوجهات المفضّلة لمحبي الطبيعة الغنية بالنباتات والحيوانات في جو يمنحهم راحة وسكينة. وادي ماتكا موطن لهذه الجوهرة، علماً أن الاسم مشتق من مفردة «الرحم» أي المكان الذي تُبعث فيه الحياة. المكان رائع للسير لمسافات طويلة على مسارات متناسقة ومتعرجّة حيث تنتشر لوحات تعريفية وإرشادية قيّمة، لكن الطريقة الشعبية الأخرى لرؤية الوادي هي من طريق القوارب، للاقتراب أكثر من المشهد المذهل. وإضافة إلى النشاطات على الماء، هناك أكثر من 50 كيلومتراً مربعاً من الطبيعة. وفي الموقع مبانٍ تعود إلى القرون الوسطى، ومنها كنائس وأديرة. يخبرك الدليل السياحي باجرام سليماني (من أصول ألبانية) أن الزوار الذين يستعينون بخدماته يلخّصون جولتهم بوصف المكان بأنه «جزء صغير من الجنة»، مضيفاً: «هنا، تكون دائماً في رحاب مسارات وزهور وفراشات وحشرات وحيوانات برية. وتحمل من رحلتك ذكريات لا تنسى». تقدّم ماتكا شيئاً ما للجميع، موفّرة رحلة للإسترخاء أو المغامرة كاستكشاف الكهوف وأشهرها فريلو. وعلى الجانبين جدران منحوتة بفعل مصبات نهر تريسكا التي تصل إلى ألف متر. يقودك كيرو عبر أحد روافد تريسكا إلى كهف فريلو. هو غواص خبير أمضى 4 سنوات ضمن صفوف فريق متمرّس باستكشاف الكهوف ضمّ الإيطالي لويجي كاساتي، حامل الرقم القياسي للغوص في الأعماق (212 متراً). يدعوك كيرو إلى تجربة الغوص في فريلو إذا كنت تتقن هذه الهواية، لتستمتع ب «مشاعر مختلطة هي مزيج من الخوف والسعادة والفرح والإثارة. وإذا كنت لا تتقن الغوص، توقّف وتأمّل وتخيّل». يتغيّر المشهد من الداخل، فالجدران الصخرية والشواهق والنتوءات هي وليدة ملايين السنين من التبدّلات الجيولوجية التي نجمت عنها هذه «الأعجوبة البيئية»، وطبعاً الجانب الأروع وفق كيرو «هو الموجود تحت الماء»، ويُعتقد أنه واحد من الأعمق في العالم. نلج في الظلام وكأننا في عالم آخر، نشعر بالتوتر فنركّز على خطواتنا إذ لا مجال لارتكاب خطأ. لكن بمجرّد الخروج إلى الضوء والتوجّه نحو استراحة في حضن الطبيعة لا تزال ربيعية رغم الحرارة المتدنية تصير طاقتك مضاعفة، فحال الطقس تبدو استثنائية والشمس ساطعة حرارتها مرتفعة عند الظهيرة، تنشر دفئاً ينتهي مع تساقط الثلج الذي يفد إلى هذه المنطقة عادة خلال تشرين الثاني (نوفمبر).