بعد فوز قائمة اياد علاوي في الانتخابات العراقية بواحد وتسعين مقعداً، وتقدمه على قائمة «دولة القانون» برئاسة نوري المالكي، بفارق مقعدين، أعلن رئيس قائمة «العراقية»، انها منفتحة على كل القوى السياسية التي فازت والتي لم تفز، لتشكيل الحكومة المقبلة، وضمن هذه القوى «ائتلاف دولة القانون». وهو رفع شعار «إلغاء إسناد المناصب السيادية بناء على انتماءات طائفية او مذهبية». في المقابل، رفض نوري المالكي النتائج، وقال إن «ائتلاف دولة القانون» سيتولى قطعاً تشكيل الحكومة المقبلة، معتبراً أن نتيجة الانتخابات غير متوقعة، برغم ان المفوضية العليا للانتخابات أكدت العكس، فضلاً عن ان المالكي حذر قبل إعلان النتائج من مشاكل أمنية. لا شك في ان انتخابات 2010 التي اعتبرتها اطراف دولية، على رأسها الأممالمتحدة، ناجحة وتتمتع بالصدقية، ومحطة مهمة في التطور الديموقراطي للعراق، ستُحسب تاريخياً لحكومة نوري المالكي التي أتاحت الفرصة وهيأت الظروف التنظيمية والقانونية لنجاحها. لكن عدم قبول النتائج، ومحاولة الالتفاف عليها بدعاوى التزوير والاحتيال والتلاعب، ربما أدخلا العراق في نفق يصعب التكهن بنتائجه، بخاصة ان هناك أطرافاً داخلية وإقليمية من مصلحتها استمرار حال الفوضى في هذا البلد. الجمعة الماضي كان محطة بارزة، وقد يصبح نقطة تحول في تاريخ العراق، فضلاً عن ان المالكي يمكن ان يصبح زعيماً تاريخياً إذا تعامل مع هذا الإنجاز الذي تحقق، بحس تاريخي ووطني. بل ان دعمه انتقال السلطة بطريقة سلمية متحضرة، وعلى النحو الذي أُجريت فيه الانتخابات، سيفرض على الجميع معاودة النظر في تقويم فترة حكمه، وهو ربما استطاع ان يضمن لقائمته، البقاء في المشهد السياسي العراقي لسنوات طويلة. الأكيد ان النزاهة التي ميّزت الانتخابات العراقية، بددت الكثير من الشكوك حول المشروع السياسي في العراق، ولكن يبقى أمام السياسيين العراقيين عدم الانخداع بشعار «لا غالب ولا مغلوب». فهذا الشعار ثبُت انه مجرد حيلة للتكاذب في بلدان عربية، على رأسها لبنان، و «لا غالب ولا مغلوب» هو التفاف مهذب على حق المنتصر، وتفريغ للعملية الانتخابية من مضمونها. فالاقتراع يعني في المحصلة النهائية ان هناك غالباً استطاع الحصول على غالبية الأصوات، ومن حقه ان يدير العملية السياسية من دون تدخل أو اشتراطات من الأطراف المهزومة. ومن دون الإقرار بأن القضية منتصر ومهزوم، تصبح العملية الانتخابية احتيالاً على حقوق الناخبين.