دعا رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» عمار الحكيم الى «ترويض النفس» للقبول بنتائج الانتخابات، منتقداً في الوقت ذاته الحديث عن الديموقراطية اذا كانت «تصب في صالحنا والسكوت» عنها اذا كانت لصالح الآخرين. وقبل يوم من موعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات أبلغ رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فرج الحيدري هيئة الاذاعة البريطانية «بي بي سي» ان أياً من الأحزاب لم يقدم أي دليل على أن هناك حاجة لإعادة فرز الأصوات. وفي غضون ذلك، ينتظر العراقيون بتلهف النتائج النهائية التي جرت في 7 الشهر الجاري، وسط مخاوف من ازمة سياسية بسبب التنافس الحاد بين رئيس الوزراء نوري المالكي ومنافسه رئيس الوزراء السابق اياد علاوي، فيما تتعرض مفوضية الانتخابات، التي ستعلن اليوم (الجمعة) النتائج النهائية بعد ثلاثة اسابيع من اجرائها، لضغوط من أجل إعادة فرز الأصوات. وكان المالكي دعا الى اعادة فرز الاصوات يدوياً بدعوى حدوث تزوير في النتائج، وأيده في ذلك الرئيس جلال طالباني «حرصاً على النزاهة والشفافية» وبعض الكتل الأخرى، لكن المفوضية ترفض ذلك في شكل كامل. وكان أنصار المالكي تظاهروا مؤيدين مطالبه بإعادة الفرز، بعدما لوح بامكان حدوث اضطرابات، وأثار تلويحه بذلك مخاوف من إمكان عدم قبوله نتائج الانتخابات. ونقل المركز الخبري التابع ل «المجلس الأعلى» عن الحكيم قوله «علينا ان نروض انفسنا للقبول بالنتائج التي تتسم بالشفافية سواء كانت لصالحنا ام كانت لصالح شركائنا في العملية السياسية». وأضاف «من غير المعقول ان نتحدث عن الديموقراطية اذا كانت تصب في مصلحتنا ونسكت اذا كانت تصب في مصلحة شركائنا من ابناء هذا الوطن». وخاض «المجلس الاعلى» الانتخابات ضمن «الائتلاف الوطني العراقي» الذي يضم الاحزاب الشيعية باستثناء الدعوة، وحل ثالثاً وفقاً لنتائج الانتخابات. وقال الحكيم ان «الائتلاف الوطني يدعو كل القوائم للجلوس الى طاولة مستديرة للخروج برؤيا موحدة قادرة على تشكيل حكومة تنطلق بالبلد (...) فنحن بحاجة الى استيعاب كل القوى». الى ذلك، كتبت صحيفة «بدر» التابعة ل «المجلس الأعلى» امس افتتاحية بعنوان «ذاكرتنا ليست مثقوبة» تنتقد المالكي الذي يطالب المفوضية بإعادة العد والفرز يدوياً. وأضافت «من المفارقات ان آليات العد والفرز في انتخابات مجالس المحافظات هي نفسها في الانتخابات الحالية، فلماذ يتم الاعتراض عليها وتم التغافل عنها (...) لانها صبت آنذاك في صالح اطراف متنفذة جاءت النتائج لصالحها». وختمت مطالبة ب «ضمانات ملزمة لكل من نتحالف معه لكي لا يستأثر بالحكم والقرار في بلد ديموقراطي اتحادي غادر عقلية الحزب الواحد والزعيم الاوحد». وكان الحيدري أبلغ «بي بي سي» انه «من حق المالكي وطالباني أن يقترحا، وهذا حق يملكه أي شخص آخر. وسنستمع للجميع ويمكن أن نناقشهم، ولكننا في النهاية سنتخذ قرارنا وفقاً للقانون ولن نقبل تعليمات من أحد». وأضاف الحيدري أنه سيكون أمام المرشحين ثلاثة أيام ابتداء من السبت للطعن في النتائج. ورفض الحيدري التكهن بأي من الكتلتين الرئيسيتين (نوري المالكي أو أياد علاوي) ستحصل على عدد أكبر من المقاعد البرلمانية. وتسود المخاوف من إمكان تجدد أعمال العنف عقب إعلان النتائج النهائية، خصوصاً وأنه سيعقب الإعلان شهور من المحادثات قبل الاتفاق على صيغة حكومية نهائية. وأعرب عراقيون عن قلقهم من احتمال وقوع اعمال عنف قد تنجم عن التوتر السياسي جراء اعلان النتائج. من جانبه، قال النائب علي الاديب المرشح البارز عن «ائتلاف دولة القانون» انه «من الطبيعي ان يحدث هذا الاحتقان لان العملية تسير في شكل غير طبيعي. وقد وردتنا اخبار من داخل المفوضية عن وجود عمليات تزوير». وتابع «واضح من هي الجهة التي يريدها الشارع العراقي، لكن يبدو ان العملية الديموقراطية لا تسير في شكل طبيعي». وعن تأثير التوتر على الاوضاع في البلاد، حذر الاديب ان «ذلك سيؤدي الى عدم سير العملية السياسية في شكل طبيعي» وتوقع ان «تشكيل الحكومة سيتعقد ويتأخر». واعتبر حيدر الملا الناطق باسم «العراقية» بزعامة علاوي ان طلب اعادة عد وفرز الاصوات يدوياً يهدف الى زرع الفتنة. وقال ان «بعض الاطراف في قائمة دولة القانون تهدف لاشاعة الفوضى في الشارع العراقي». وتخوض قائمتا «ائتلاف دولة القانون» و «العراقية» تنافساً شديداً لاحراز تقدم في الانتخابات وتشكيل الحكومة المقبلة. ووفقاً للأرقام التي أعلنتها المفوضية بعد فرز نسبة 95 في المئة من الأصوات ستنال القائمتان 91 مقعداً لكل منهما في البرلمان المقبل، مع عدم فرز 47 في المئة من اصوات الخارج بعد.