انتقد عدد من الخبراء في مجال التدريب الصحي وزارتي الصحة والتعليم العالي والهيئة السعودية للتخصصات الصحية لعدم منحها تراخيص لفتح المزيد من الكليات والمعاهد الصحية. خصوصاً مع عجز وزارة الصحة عن توفير التدريب والتطوير للكادر الصحي أطباء وفنيين. وتأتي هذه الانتقادات في الوقت الذي تعاني فيه السعودية من نقص في المعاهد والكليات الصحية في مقابل الحاجة الماسة إلى المزيد من الأطباء والفنيين، علماً بأن عدد الأطباء السعوديين يبلغ 7700 طبيب وعدد الفنيين الصحيين السعوديين 30 ألفاً. من جهته، اعتبر الخبير في مجال التدريب الصحي الدكتور زهير السباعي أن المملكة تواجه مشكلة «مزمنة» في تدريب الأطباء والعاملين في القطاع الصحي، من ناحية أعدادهم وتوزيعهم المهني ومستوى تدريبهم، داعياً إلى التخطيط لهذا الأمر بجدية وبأسلوب علمي. وأوضح أن معدل الفنيين الصحيين إلى الأطباء يبلغ 3.4 فني صحي لكل طبيب، وهو أقل بكثير من المعدل الدولي المتعارف عليه (6 فنيين صحيين لكل طبيب)، كاشفاً أن نسبة الأطباء والفنيين السعوديين إلى مجموع الأطباء والفنيين الصحيين في المملكة لا يتجاوز 22 إلى 25 في المئة، ما يعد معدلاً متدنياً يخلق مشكلة صحية وأمنية وثقافية. وقال: «لكي نغطي 60 في المئة من حاجتنا للقوى البشرية السعودية في القطاع الصحي في العام 2030، فإن القطاع الأهلي يجب أن يدعم وينشط من الدولة، كي يخرّج لنا 192 ألف فني صحي مؤهل، وهذا يستدعي إنشاء عدد من المعاهد الصحية الأهلية ودعم المعاهد الموجودة حالياً». وأشار إلى أن الوضع الحالي للقوى البشرية الصحية يشير إلى أنه يوجد في المملكة 35 ألف طبيب منهم حوالى 7700 طبيب سعودي (22 في المئة من إجمالي الأطباء)، بينما يتجاوز عدد الفنيين الصحيين 120 ألف فني صحي من ضمنهم ممرضون، منهم 30 ألف سعودي أي 25 في المئة من مجموع الفنيين الصحيين. وأكد السباعي أن كلفة التعليم والتدريب في الكليات والجامعات والمعاهد الحكومية عالية إذا ما قورنت بالكلفة في المعاهد والكليات والجامعات الخاصة، خصوصاً إذا ما أخذ في الاعتبار تساوي المستوى التدريبي في المؤسسات العامة والخاصة، مشيراً إلى أن المؤسسات التعليمية الخاصة أقدر على ترشيد الإنفاق، فكلفة تعليم وتدريب طالب الطب في الكليات الحكومية لا تقل عن 120 ألف ريال في السنة، في حين أن رسوم التدريب في الكليات الخاصة لا تزيد على 75 ألف ريال في السنة، فيما تبلغ كلفة تعليم وتدريب فني التمريض أو الأشعة أو الصيدلة في المعاهد الحكومية لا تقل عن 50 ألفاً في السنة، أما في المعاهد الخاصة فلا تتجاوز 20 ألف ريال سنوياً. ولفت إلى أنه في عام 2030 سيتضاعف عدد سكان المملكة، وبالتالي ستكون الحاجة إلى مضاعفة عدد الأطباء ليصبح عددهم 70 ألف طبيب و420 ألف فني صحي، «وبناء على ذلك فإن قطاع التدريب الصحي الأهلي مطالب بتدريب 42 ألف طبيب و252 ألفاً من الفنيين الصحيين للعمل في المجال الصحي خلال الربع قرن المقبل، في حين لا يوجد حالياً سوى 40 معهداً صحياً خاصاً». من جانبه، أكد عضو لجنة إصلاح النظام الصحي والخصخصة الدكتور عادل ملا أن وزارة الصحة تعاني من عجز دائم وشديد في موازنات التدريب الصحي والابتعاث، مشيراً إلى أن الوزارة وضعت خطة لابتعاث 580 طبيباً وفنياً خلال العام المالي 1428/1429ه. وذكر أن الوزارة لن تتمكن من ابتعاث أي من منسوبيها خلال هذا العام، إذ ان المخصص للبند لن يكفي لتغطية نفقات مبتعثي الوزارة ممن هم على رأس البعثة حالياً والبالغ عددهم 389 مبتعثاً، وتصل كلفة ابتعاثهم إلى 112 مليون ريال سنوياً. وأضاف ملا أن الوزارة لن تتمكن كذلك من تنفيذ خطط تدريب وتأهيل القوى العاملة داخلياً، «وبالمقارنة مع الدولة المتقدمة طبياً، نجد أن المبلغ المخصص للتدريب الصحي في السعودية 80 مليون ريال، بنسبة تصل إلى 0.4 في المئة من موازنة الصحة، في حين أن انكلترا تخصص 5 بلايين جنيه استرليني (30 بليون ريال) ما يمثل 5.3 في المئة، وكذلك الأمر بالنسبة لماليزيا التي تخصص 4.3 بلايين دولار (16 بليون ريال) للغرض ذاته. ونوه إلى الفروقات الكبيرة في اعتمادات بند التدريب الصحي بين المملكة ممثلة في وزارة الصحة وبعض الدول المتقدمة، ما دفع وزارة الصحة إلى تنفيذ دراسة أخيراً عن إمكان نقل تبعية المعاهد والكليات الصحية والإشراف عليها من وزارة الصحة إلى وزارة التعليم العالي أو المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني. وتابع ملا: «يتضح لنا وجود فرص استثمارية جيدة في التدريب الصحي، نظراً لمعاناة الوزارة من العجز الدائم في اعتمادات بند التدريب الصحي والابتعاث الخارجي من جهة، وعدم تمكنها من تنفيذ خطط وتدريب وتأهيل القوى العاملة داخلياً من جهة أخرى».