طهران، بكين، موسكو، واشنطن – أ ب، رويترز، أ ف ب - اعتبر الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد أمس، أن الغرب عاجز عن وقف «قطار» البرنامج النووي لبلاده التي «ارتقت قمة لا تصلها أيادي الشر»، في وقت جددت الصين دعوتها إلى تسوية هذا الملف من خلال الحوار، بينما لم تستبعد روسيا فرض عقوبات على إيران. وقال نجاد لدى تدشينه سداً في جنوب غربي البلاد، ان الدول الكبرى «تقول إنها قلقة من ان تكون إيران تنتج قنبلة» ذرية، مضيفاً: «لكننا نرد بالقول: صنعتم هذه القنبلة وسبق ان استخدمتوها. إذاً من عليه القلق؟ انتم ام نحن؟ لكن عليكم أن تدركوا جيداً بأن هذا الشعب لن يخشاكم أبداً وأن عهد التهديد ولى من دون رجعة». واعتبر «انهم في كل بساطة يثيرون مشاكل ويذلّون أنفسهم». وشدد نجاد على ان «هذه الحكومات تريد أن توقف ولو لساعة قطار التقدم الإيراني السريع الذي يواصل طريقه في كل سرعة وحزم، لكنها عاجزة عن ذلك. شعبنا سيستمر في نهجه ولن يتراجع قيد أنملة». وقال: «اسمحوا لي بأن اقول لكم إن الزمن الذي كان في إمكانهم فيه إيذاء الأمة الإيرانية، ولى. الأمة الإيرانية وصلت إلى قمة لم تعد أيديهم الشريرة تستطيع أن تطالها. وهذا الشعب المتلاحم والموحّد، سيبلغ بصموده أعلى القمم الشاهقة». ورأى نجاد ان «الصهاينة أذلوا» الدول الغربية، مضيفاً: «كفوا عن دعمهم (إسرائيل)». وقال إن «ما من رجل سياسي شجاع في الغرب، يتحدى الصهاينة أو يقف في وجههم». في الوقت ذاته، نددت طهران بخطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو امام المؤتمر السنوي ل «لجنة العلاقات العامة الأميركية - الإسرائيلية» (إيباك) في واشنطن قبل ايام، والذي قال فيه إن إسرائيل تتوقع من المجتمع الدولي «التحرك في سرعة للقضاء على هذا الخطر (إيران) في شكل قاطع، لكننا سنحتفظ دائماً بحقنا في الدفاع عن النفس». واعتبر الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمان برست ان تصريحات نتانياهو «تنبع من أفكار شيطانية وإرهابية ولا قيمة لها لقادة الكيان الصهيوني، والتي ترجموها عملياً عشرات المرات، عبر تنفيذهم عشرات المجازر والكوارث الإنسانية في صبرا وشاتيلا ودير ياسين وقانا، وكلها جرائم موثقة لدى الأممالمتحدة». ووصف اتهامات نتانياهو بأنها «أفكار وضيعة». الصين تتمسك بالحوار في غضون ذلك، قال الناطق باسم الخارجية الصينية كين غانغ ان «الصين تدعو جميع الأطراف، الى اعتماد السبيل الديبلوماسي لتسوية المسألة النووية الإيرانية سلمياً عبر الحوار والمفاوضات»، مضيفاً: «هذا أفضل خيار ويتناسب مع مصالح جميع الأطراف ويخدم السلام والاستقرار في المنطقة». واكد ان بكين «تجري مشاورات وثيقة» مع جميع الأطراف. وفي موسكو، قال الناطق باسم الخارجية الروسية أندريه نيسترنكو أن «روسيا تؤيد مواصلة الحوار مع طهران في محاولة لإيجاد مخرج (للأزمة). وفي غياب تقدم ملموس، لا نستبعد إمكان ممارسة ضغوط إضافية على الإيرانيين، عبر اللجوء الى عقوبات». وزاد: «لكن عقوبات مماثلة يجب أن تكون موجهة في شكل حصري إلى مهمات حظر الانتشار النووي ولا تستهدف خنق هذا البلد مالياً واقتصادياً». ورفضت موسكو الربط بين العقوبات وبدء تشغيل مفاعل «بوشهر» النووي في ايران. وقال نيستيرنكو: «لن يكون بالأمر السليم الربط بين بناء واستثمار المحطة، وبين ضرورة اتخاذ إجراءات جديدة ضد إيران». جاء ذلك بعد مشاركة ممثلي الصين والدول الخمس الأخرى المعنية بالملف النووي الإيراني، في محادثات عبر دائرة مغلقة الأربعاء، ناقشوا خلالها اقتراح صاغته الولاياتالمتحدة في كانون الثاني (يناير) الماضي، لفرض جولة رابعة من العقوبات على طهران. ولم تعلّق الصين على الاقتراحات الأميركية، لكن المندوب البريطاني لدى الأممالمتحدة مارك ليال غرانت قال انها وافقت على مناقشة فرض عقوبات، موضحاً: «ما فهمته هو أنهم (الصينيين) وافقوا على المشاركة في شكل فعال» في المناقشات في هذا الشأن. وأشار الى ان بكين كانت ممثلة في الاجتماع، بليو شينمين النائب السابق للمندوب الصيني لدى الاممالمتحدة، والذي عاد الى بكين أخيراً. واعتبر مبعوثون غربيون ان اختيار ليو ليكون أبرز المفاوضين الصينيين الجديد في الملف النووي الايراني، ذو مغزى مهم، إذ انه ساعد في التفاوض في شأن قرارات سابقة للعقوبات على طهران. ولفت غرانت الى ان ممثلي الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) «اتفقوا على ان يجروا مطلع الأسبوع المقبل مزيداً من المناقشات حول إمكان اتخاذ إجراءات» بحق إيران. أما المندوب الصيني الجديد لدى المنظمة الدولية لي باودونغ فتجنب الرد على سؤال عما إذا كانت بكين قررت التفكير جدياً في فرض عقوبات جديدة على طهران. وقال ان «الصين متمسكة بقوة بنظام حظر الانتشار النووي. يجب إيجاد تسوية عبر المحادثات والمفاوضات السلمية. الصين أيدت دائماً الديبلوماسية. نعمل الآن مع دول أخرى أعضاء لإيجاد تسوية سلمية». في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس ان الرئيس الأميركي باراك اوباما اجرى اجتماعاً عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون والمستشارة الألمانية انغيلا مركل، نوقشت خلاله «خطوات المجتمع الدولي التالية في شأن إيران». الى ذلك، أوردت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية ان الولاياتالمتحدة تراجعت عن مجموعة من التدابير الواردة في اقتراحاتها لفرض عقوبات جديدة على طهران، للحصول على تأييد الصين وروسيا. واشارت الى سحب مشروع منع الطائرات والسفن الإيرانية لنقل البضائع، من دخول المجال الجوي والبحري الدولي، مضيفة ان العقوبات المنقحة لن تستهدف شركات التأمين التي تتعامل معها مؤسسات إيرانية، ولا بيع السندات الإيرانية. وزادت ان العقوبات المنقحة ستستهدف في شكل خاص «أبرز مراكز السلطة الإيرانية، لاسيما الحرس الثوري»، إضافة إلى تشديد الإجراءات المفروضة سابقاً على طهران.