في وقت أرسلت السفارة السودانية لدى القاهرة بعثة إلى مدينة العريش في شمال سيناء «لتقصي» أمر مقتل 16 من مواطنيها قبل أيام قرب الحدود المصرية - الإسرائيلية، قتلت قوات الأمن المصرية أمس 5 سودانيين قبل تسللهم إلى إسرائيل وجرحت آخرين «لعدم امتثالهم لأوامر بالتوقف عن التقدم صوب الحدود». وتوترت العلاقات المصرية - السودانية في الأيام الماضية لسببين أساسيين، هما توقيف عشرات السودانيين في القاهرة، وسط أنباء عن تعذيب مواطن سوداني كان يرافق ابنه في رحلة علاج، إضافة إلى قتل 16 سودانياً قبل أيام قبل تسللهم إلى إسرائيل. واستدعت حملة التوقيفات تدخلاً ديبلوماسياً من السفارة السودانية لدى وزارة الخارجية المصرية التي تسلمت مذكرة من الخرطوم لطلب «التحقيق في التجاوزات ووقفها». وطلبت الرئاسة السودانية مدها بتقارير عن «أوضاع السودانيين في مصر». وقال مصدر حكومي مصري ل «الحياة» إن وزارة الخارجية نقلت إلى الجهات الأمنية الشكاوى السودانية، وطلبت تقريراً بأعداد السودانيين الموقوفين، والقضايا التي يتم التحقيق معهم في شأنها، فضلاً عن الرد على الاتهامات للأمن بتعذيب مواطن سوداني. وأشار المصدر إلى أن «معظم السودانيين الموقوفين يتم التحقيق معهم في شأن اتهامات تتعلق بالاتجار في العملة، ويتم توقيفهم بموجب أذون من النيابة العامة، وواقعة تعذيب مواطن سوداني في قسم عابدين محل تحقيق في وزارة الداخلية». وقال: «تم إطلاق دفعة ثانية من السودانيين الذين كانوا موقوفين في قسم شرطة عابدين على ذمة اتهامات بالاتجار بالعملة مساء السبت، فيما تم إطلاق أعداد أخرى الخميس الماضي». وأوضح أن «الموقوفين الذين تم إطلاقهم لم تثبت بحقهم الاتهامات المنسوبة إليهم، ويتبقى آخرون قيد التحقيق». وأوضح أن «الحكومة لا يمكن لها التدخل في عمل النيابة العامة». والتقى السفير السوداني في القاهرة عبدالمحمود عبدالحليم وزير العدل المصري أحمد الزند أمس للبحث في الموقف القانوني للسودانيين الموقوفين والمطلقين. وقالت مصادر ل «الحياة» إن السفير السوداني طلب من وزير العدل إمداده ببيان بأسماء السودانيين الموقوفين قيد التحقيق والاتهامات المنسوبة إليهم، لمضاهاته بالمعلومات التي في حوزة السفارة، وتحديد الموقوفين من دون توجيه اتهامات إليهم. ولفتت إلى أن «الجانب السوداني أبلغ المسؤولين المصريين بأن الخرطوم حريصة على العلاقات مع القاهرة، لكن هذه الإجراءات لو استمرت بما فيها من تجاوزات للقانون فإنها ستضر بالعلاقات التي يجب أن يكون الحرص عليها متبادلاً، علماً أن هناك من يتربص بها، ويجب على الدولتين عدم إتاحة الفرصة لهؤلاء لتعكير صفوها». وأوضحت أن «الجانب السوداني طلب بوضوح التوقف عن إيذاء السودانيين في مصر». وسافر وفد من السفارة السودانية في القاهرة برئاسة القنصل خالد الشيخ إلى مدينة العريش لتقصي واقعة مقتل 16 سودانياً قبل أيام، بالتزامن مع إعلان الجيش المصري مقتل 5 سودانيين وجرح 6 وتوقيف 5 آخرين، قبل تسللهم إلى إسرائيل. وقال الناطق باسم الجيش المصري في بيان أمس إن «قوات إنفاذ القانون المكلفة تأمين خط الحدود الدولية الشمالي الشرقي أحبطت محاولة تسلل أفراد» إلى إسرائيل. وأوضح أن «العناصر المكلفة تأمين المنطقة الحدودية رصدت فجر (أمس) قيام مجموعة من الأفراد الأفارقة بمحاولة التسلل من الغرب إلى الشرق عبر خط الحدود الدولية بالتعاون وتحت إشراف عناصر إجرامية تقوم بتسهيل أعمال الهجرة غير الشرعية، وعلى الفور قامت القوات بإطلاق عدد من الطلقات التحذيرية والتحرك للقبض على المتسللين الذين بادروا بإطلاق النيران على قوة التأمين ما أدى إلى إصابة جندي بطلق ناري نافذ في الظهر». وأضاف: «قامت القوات بالتعامل مع مصادر إطلاق النيران لإسكاتها وضبط هذه العناصر الإجرامية، ما أسفر عن مقتل 5 وإصابة 6 من المتسللين والقبض على 5 آخرين، تبين أنهم جميعاً يحملون الجنسية السودانية». وأشار إلى نقل المصابين إلى مستشفى لتلقي العلاج وإحالة الواقعة على التحقيق. وحرص الناطق باسم الجيش على نشر صورة الجندي المصاب وقد ظهر طلق ناري في ظهره، في ما بدا أنه استباق لأي احتجاجات من الجانب السوداني على قتل المهاجرين، إذ دأب الجيش في مثل تلك الحوادث على نشر صور المتسللين الموقوفين، وتجنب نشر صور خسائره. من جهة أخرى، قالت السلطات المصرية إن قوات حرس الحدود التابعة للجيش أوقفت 15 سودانياً في محمية «وادي الجمال» في مرسى علم المطلة على البحر الأحمر (جنوب مصر)، «كانوا يقومون بالتنقيب عن الذهب، وعثرت في حوزتهم على 16 جوالاً فيها أحجار مختلطة بخام الذهب، وتم تسليمهم إلى الشرطة، وتسليم المضبوطات إلى هيئة الثروات التعدينية». وفي الخرطوم، أعلن وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أن نظيره المصري سامح شكري وعد بالتحقيق في تعرض سودانيين في مصر إلى «حملات اعتقال وحجز وسلب ممتلكاتهم». وقال غندور في بيان أمام البرلمان أمس إن «تلك الحملات حدثت في المقاهي والمستشفيات بذرائع السؤال عن هوياتهم الرسمية، إلى جانب حملات أخرى أمام الصرافات بحجة السؤال عن إقرارات جمركية بالأموال التي يحملونها». وأضاف أن «السلطات المصرية تعاملت مع السودانيين المحتجزين بكل قسوة ووقعت تجاوزات في تطبيق القانون». ولفت إلى أن السلطات المصرية «أفرجت خلال الأيام الماضية عن بعض المحتجزين السودانيين، وأبدت تعاوناً مع السفارة السودانية في القاهرة التي أوفدت القنصل إلى العريش».