كشفت التحقيقات الفرنسية أن ثلاثة أعضاء في الخلية التي خططت ونفذت اعتداءات باريس الأسبوع الماضي أشقاء، هم ابراهيم عبدالسلام (31 عاماً) الذي فجر نفسه عند جادة فولتير، وشقيقه محمد الذي اوقفته السلطات البلجيكية احترازياً، وصلاح عبد السلام الذي تتركز التحقيقات عليه حاليا ولا يعرف ما أذا كان احد الانتحاريين أو انه لا يزال فاراً. ولكن، ليست هذه المرة الأولى التي يشارك فيها أشقاء في هجمات إرهابية في السنوات الأخيرة، إذ نفذ الشقيقان جوهر تسارناييف (19 عاماً) وتامرلان تسارناييف (26 عاماً) تفجيرات بوسطن في العام 2013، كما نفذ الشقيقان سعيد وشريف كواشي الهجوم على مقر مجلة «شارلي إيبدو» العام الحالي. وذكرت صحيفة «غارديان» البريطانية أن المشتبه الرئيس في تنفيذ اعتداءات باريس عبدالحميد أباعود، جند شقيقه البالغ من العمر 13 عاماً، والذي سافر بدوره إلى سورية، حيث شوهد لاحقاً في تسجيل مصور وهو يقود إحدى العربات المحملة بجثث عناصر من الجيش السوري. وأضافت الصحيفة أن هناك عدداً كبيراً من الأمثلة على وجود أشقاء في الخلايا الإرهابية، مثل محمد المراح، الذي قتل سبعة أشخاص جنوب غربي فرنسا في العام 2012، وشقيقه عبد القادر الذي لا يزال يقبع في السجن رغم ان دوره في عمليات القتل والتطرف ليست واضحة تماماً. وهناك امثلة اخرى عن اخوة يسافرون للانضمام إلى خلايا إرهابية في سورية أو العراق أو مناطق الحروب الأخرى، حتى لو لم يكونوا ارهابيين في البلاد التي يعيشون فيها. وافادت الصحيفة أن ثلاثة أشقاء تتراوح اعمارهم بين 17 و21 عاماً يقيمون في برايتون، غادروا المملكة المتحدة للانضمام إلى «جبهة النصرة»، ذراع تنظيم «القاعدة» في سورية. وذكرت ايضا حالة الطالب أصيل المثنى (17 عاماً) الذي سافر برفقة شقيقه الأكبر ناصر(20 عاما) طالب الطب، للانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش). وأدانت محكمة بريطانية في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي شقيقين بتهمة الإرهاب، لتقديمهما المساعدة والمشورة لكل من يرغب في السفر إلى سورية لإقامة دولة إسلامية. وقالت الصحيفة أن المشاركة العائلية، أو ما يطلق عليه «الجهاد العائلي» (jihad by family) قد يفاجىء البعض، إلا أنه لا يجب أن يكون كذلك. وقال مسؤول أميركي في العراق إن الاستخبارات العسكرية حددت، قبل عشر سنوات، تورط أفراد من عائلة واحدة في عمليات عنف أو ارهاب. وادين مغني الراب البريطاني عبدالمجيد عبدالباري بتهمة الانضمام إلى تنظيم «داعش»، وهو ابن عادل عبدالباري الناشط المصري الذي قدم إلى المملكة المتحدة في العام 1991، وادين لاحقاً لدوره في تنفيذ هجوم «القاعدة» على سفارتي الولاياتالمتحدة في شرق أفريقيا العام 1998. واعتقلت السلطات البريطانية اخيراً أباء مع أبنائهم بتهمة المشاركة في القتال في سورية. وأظهر بحث أعده مركز «أميركا الجديدة»، وهو مركز أبحاث مقره في الولاياتالمتحدة، أن أكثر من ربع المقاتلين الغربيين ذهبوا للجهاد من طريق العائلة، عبر الأقارب الذين يقاتلون في سورية والعراق، أو من خلال الزواج أو من خلال بعض الروابط بجهاديين. وكشفت دراسة اجريت أخيراً في جامعة ولاية بنسلفانيا أن 64 في المئة من العائلات أو الأصدقاء تدرك نوايا احد افرادها لمزاولة نشاط يتعلق بالإرهاب، لأن الجاني قالها حرفياً لهم. وأوضحت هذه الدراسات ان العلاقات العائلية هي طريقة مهمة لتجنيد هؤلاء وتطرفهم، بالاضافة الى غسل الأدمغة أو التعرض الى تأثير خارجي عبر شبكات الانترنت. وتضيف صحيفة «غارديان» ان الارهاب، مثل أي نشاط، هو امر اجتماعي للغاية، إلا أن عواقبه استثنائية، إذ ان مجرد اهتمام اشخاص بالافكار والايديولوجيات الارهابية يمكن ان يقود اشخاصا اخرين الى الاهتمام بهذه الافكار والايديولوجيات. وقال الخبير البلجيكي في شبكات المتشددين الدكتور ريك كولسيات، إن تجنيد أشخاص يعتمد على الزملاء والأقارب والصداقات أكثر بكثير من الدين أو المناطقية أو شيء آخر، فهناك «ظاهرة جماعية قوية». وأضاف أن الحواجز النفسية والاجتماعية للمشاركة في أعمال عنف هي بالتأكيد أعلى مما هي عليه في نشاطات أخرى، لكن آليات العملية التي توجه الناس اليها هي نفسها.