تجنب لبنان أزمة ديبلوماسية مع روسيا نتيجة الانزعاج الرسمي والسياسي اللبناني من طلب البحرية الروسية عدم تحليق الطائرات في الممرات الجوية فوق المنطقة البحرية الغربية المقابلة لمدينة بيروت، بحجة قيام القوات البحرية الروسية بمناورات في البحر الأبيض المتوسط بين 21 و23 الجاري، فاكتفى بإبلاغ السفير الروسي ألكسندر زاسبكين استغرابه لهذا الطلب الذي كانت المديرية العامة للطيران المدني تبلغته عبر رسالة فاكس، وردت إلى المديرية نهار أول من أمس من أحد جنرالات القيادة الموجود على إحدى القطع الروسية في البحر. كما اكتفى الجانب اللبناني بتعديل خطوط الإقلاع والهبوط عبر استخدام الخط الجنوبي فوق مدينة صيدا وبلدة الصرفند، وعبر خط آمن آخر باتجاه قبرص باتفاق مع الأخيرة، بعد أن كانت سادت حالة من الإرباك والانزعاج مساء إثر انتشار نبأ الطلب الروسي، وسط الخشية من أن يؤدي إلى وقف حركة الطيران من مطار رفيق الحريري الدولي وإليه. وإذ أوضح وزير الأشغال والنقل غازي زعيتر أن الطلب الروسي لم يكن وقف حركة الطيران بل تغيير خطوطه، أكد في تصريح تلفزيوني أن الملاحة الجوية استمرت طبيعية أمس. لكن الخطوط الجوية الكويتية علقت رحلتين إلى بيروت أمس ك «إجراء أمني احترازي بناء على معلومات أمنية بوجود حظر على بعض المسارات الجوية المؤدية إليها». وكانت الخطوط الجوية التركية ألغت رحلتين إلى بيروت مساء الجمعة نتيجة البلبلة التي أثارها الطلب الروسي، إلا أن رحلاتها استمرت في شكل طبيعي أمس. وكانت الطريقة التي أبلغ فيها الجانب الروسي لبنان طلبه أثارت ردود فعل سياسية سلبية، لأنها مس بالسيادة وتخالف الأصول الديبلوماسية وسببت انزعاجاً رسمياً، فطلب رئيس الحكومة تمام سلام إلى وزير الخارجية جبران باسيل، بعد أن سأله إذا كان تبلغ إما مباشرة أو عبر السفارة اللبنانية في موسكو بشيء خصوصاً أنه كان عاد من زيارة رسمية إلى موسكو قبل 24 ساعة، استيضاح السفير الروسي في بيروت زاسبكين عن سبب تبليغ لبنان بهذه الطريقة التي اعتبرها عدد من القادة السياسيين غير لائقة.... وقال مصدر رسمي ل «الحياة» أن زاسبكين قال للوزير باسيل أنه ليس على علم بالأمر وطلب وقتاً للاستفسار. وفي هذا الوقت، اتخذت مديرية الطيران المدني إجراءات بناء لقرار من سلام بعدم وقف الملاحة الجوية من وإلى المطار، قضت بتحديد خطوط طيران مختلفة عن تلك التي تمر فوق المنطقة البحرية التي تجرى فيها المناورات الروسية، احتياطاً، وجرى التنسيق مع السلطات القبرصية التي أتاحت استخدام ممر آمن عبرها. وهي الخطوط التي استخدمت أمس وستعتمد اليوم وغداً، مع أنها تطيل مسار الطيران بحيث تحتاج الرحلات إلى أوروبا إلى وقت إضافي لبلوغها (45 دقيقة إضافية) وإلى دول الخليج العربي كذلك. وشدد السفير الروسي زاسبيكين، في حديث إذاعي على أنه لا يريد أن يكون هناك «تضخيم لموضوع المناورة الروسية في المتوسط»، مؤكداً أن «روسيا على اتصال مع الخارجية اللبنانية، والعلاقات السياسية بين لبنانوروسيا على ما يرام»، لافتاً إلى أن «المسؤولين اللبنانيين لديهم حق الاعتراض ولكن ستسوّى الأمور بالتأكيد». وبرر زاسبكين طريقة التبليغ الروسية بأن القيادة الروسية العسكرية اعتبرت أن الاحتياط لأي احتمال يتطلب السرعة في إيصال الرسالة، لأنها قد تأخذ وقتاً بالوسائل الديبلوماسية. وأعلن المدير العام للطيران المدني بالتكليف ابراهيم أبو علاوة أن حركة المطار تسير في شكل طبيعي وعادي، وكل الإجراءات اتخذت لتأمين حركة الإقلاع والهبوط، ولا داعي لأي قلق والمديرية اتخذت منذ الجمعة، كافة الإجراءات لاستمرار حركة الإقلاع والهبوط في شكل طبيعي، وهذا ما حصل فعلاً». وأكد أن «جميع الرحلات الجوية تسير على خطوطها وفق الجداول المحددة، ودون أي تأخير، مشيراً إلى أن الخطوط الجوية الكويتية أبلغت سلطات المطار عن تعليق رحلاتها ليومي السبت والأحد، وأن جميع الشركات الأخرى تسير رحلاتها كالمعتاد». وقال:» أجرينا اتصالات مع المنظمة الدولية للطيران المدني، واتفقنا مع السلطات القبرصية على مسار جوي آمن، هو المسار الجنوبي الذي نعتمده حالياً دون أي صعوبات تذكر». وعن احتمال حصول تطورات تنعكس على حركة المطار، قال: «لا يمكننا استباق الأحداث، ونتابع الأمور دقيقة بدقيقة، ونطمئن اللبنانيين والمسافرين أن المطار يعمل في شكل طبيعي جداً ولا داعي لأي قلق».