بحبات «الحَب» تمكنت أم مراد من إسعاد زائري المسجد النبوي الشريف، وأطعمت صغارها، كونها لا تملك سلعة تسترزق به غيره، مبتدئة يومها منذ بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس، بعد شراء «الحَب» وتقسيمه في أكياس عدة، لتبيعه على المصلين بعد خروجهم من المسجد. وتجمع هذه السيدة بين «النفع» و«إدخال السرور» من خلال بيع سلعة استهدفت شرف «المكان» وطهارة «الزوار» وبراءة «الصغار»؛ لترسم «بائعة الحب» مشاهد من نسج الطبيعة بتجمع «طيور الحرم»؛ لالتقاط الحب بعد أن ينثرها المشترون في ساحات المسجد، بعد أداء صلاة الفجر. مشهد البيع ونثر الحب للحمام يُعد ممتعاً لناظري أم مراد، على رغم اعتيادها عليه منذ سنوات، كما أوضحت ذلك ل«الحياة»، قائلة: «أشعر بالسعادة حينما أرى الابتسامة على وجوه ناثري الحب، بعد أن يشتروه مني، وضحكات الصغار وهم يركضون خلف الحمام». وأم مراد أم لسبعة أطفال، أجبروها على الجلوس في ساحة المسجد النبوي وبيع «الحب» لمدة تزيد على 12 ساعة؛ لجني المال وتوفير طلبات أبنائها، بعد أن جارت عليهم الدنيا، على رغم أن حصيلة ما تبيعه «لا يُسمن ولا يُغني من جوع»، وإلى جانبها ابنها الصغير الذي لا يتجاوز العامين، فيما «البسطة» و«أكياس الحب» أمامها. وعلى رغم السعادة التي تشعر بها أم مراد (من مواليد جازان)، من خلال بيع «الحب»، إلا أنها تذمرت من إزعاج الفرق البلدية التابعة لأمانة المدينةالمنورة لها، والتي تضبط بسطتها وتصادر الحب وتمنعها من البيع، لكنها توضح أن البلدية تتعذر بتسبب «الحب» في اتساخ الممرات المؤدية إلى المسجد النبوي. وعلى رغم ذلك تعود أم مراد في اليوم التالي لبيع «الحب»؛ لإسعاد الأطفال وإطعام «حمام الحرم». يذكر أن الآراء اختلفت حول أصل حمام الحرمين المكي والنبوي، إذ يرى بعضهم أنه يعود إلى الحمامتين اللتين عششتا على غار حراء أثناء هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فكان جزاؤهما أن يعيشا هما وذريتهما آمنتين في الحرمين. فيما ذكر آخرون أنه من سلالة طير الأبابيل التي أتت من البحر بالأحجار ورمتها على جيش أبرهة الأشرم، عندما عزم على هدم الكعبة في سنة المولد النبوي الشريف.