لم تجد جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها في مصر سوى الجامعات ساحة للحشد في تظاهرات أمس لمناسبة ذكرى استفتاء 19 آذار (مارس) 2011 بعدما فقدت قدرتها على الحشد في الشارع. وحوّل طلاب «الإخوان» أمس محيط الجامعات إلى ساحات مواجهة مع قوات الشرطة، لإصرارهم على الخروج بمسيرات إلى الشوارع. وطوقت الشرطة بوابات الجامعات لمنع التظاهرات من الخروج، فعمد المتظاهرون إلى العنف وإشعار الحرائق داخل الجامعات وفي محيطها، خصوصاً في جامعة الأزهر التي اقتحمتها قوات الشرطة ودارت فيها مواجهات عنيفة مع الطلاب جرح فيها عشرات. وساد هدوء نسبي الجامعات منذ استئناف الدراسة في 8 آذار (مارس) الجاري، بعد إرجائها شهراً خشية تكرار المصادمات التي كانت سمة الفصل الدراسي الأول. وقتل صبي قرب جامعة بني سويف جنوب مصر بعد أن خرج مئات الطلاب إلى الشارع في مسيرة هتفت ضد الجيش والشرطة ولوحت بشعارات «رابعة» ورفعت صوراً للرئيس المعزول محمد مرسي. وطوقت الشرطة التظاهرة وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع صوبها، فرد الطلاب برشق القوات بالحجارة والألعاب النارية، وتحول محيط الجامعة إلى ساحة مواجهات، وسط سماع دوي إطلاق نار وطلقات خرطوش. وقتل في المواجهات صبي (14 عاماً) إثر إصابته بطلق ناري في الرقبة. وقالت وزارة الداخلية في بيان إن «الأجهزة الأمنية والأهالي فضوا تجمعاً لعناصر تنظيم الإخوان الإرهابي حاولوا تعطيل حركة القطارات، وتمكنت من ضبط 12 منهم». وأوضحت أن «500 من عناصر الإخوان تجمعوا قرب محطة السكة الحديد في مدينة بني سويف لتعطيل حركة القطارات وتعدوا على الأهالي، وأسفرت المواجهات عن مقتل صبي بطلق ناري وجرح 3 بطلقات خرطوش». ووقع أعنف الاشتباكات في جامعة الأزهر شرق القاهرة. وتجمع مئات الطلاب داخل الحرم الجامعي وطافوه في مسيرات نددت بالجيش والشرطة ورفعوا صوراً لمرسي، قبل أن يتوجهوا إلى بوابة الجامعة الرئيسة لتتصدى لهم قوات الشرطة لمنعهم من الخروج بقنابل الغاز وخراطيم المياه. وتفرق الطلاب داخل الحرم قبل أن يتجمعوا مجدداً لرشق الشرطة بالحجارة والألعاب النارية. وتحول مدخل الجامعة إلى ساحة كر وفر بين الشرطة والطلاب الذين أحرقوا صناديق القمامة والأشجار وحطموا بوابات ومدرجات في الجامعة، وبعدما خرج العنف عن سيطرة الأمن الإداري اقتحمت قوات الشرطة الجامعة لتدور مواجهات عنيفة في ساحتها، وألقت القبض على عشرات الطلاب. وتكرر المشهد ذاته قرب المدينة الجامعية لطلاب الأزهر ووقعت مناوشات أقل حدة بين الطلاب والشرطة. أما فرع الجامعة للبنات، فخرجت منه مسيرة لعشرات الطالبات طافت شوارع محيطة به قبل أن تعود مجدداً إلى حرم الجامعة. وكان عشرات الطلاب اعتلوا أسطح بنايات في الجامعة، ورفعوا عليها راية تنظيم «القاعدة» وكلف النائب العام هشام بركات النيابة بإجراء تحقيقات فورية في الواقعة. وطلبت النيابة من جهاز الأمن الوطني إجراء تحريات لتحديد مرتكبيها وضبط وإحضار المتهمين وتقديمهم للنيابة العامة للتحقيق معهم. كما أمرت النيابة العامة بضم المقاطع المصورة كافة لتلك الأحداث إلى أوراق التحقيق. كما أمر النائب العام النيابات المختصة بإجراء تحقيقات عاجلة في أحداث الشغب التي وقعت في الجامعات المختلفة. وأبدت جامعة الأزهر أسفها لما حدث من تظاهرات «خرجت عن القيم والتقاليد الجامعية، حيث قام الطلاب بإطلاق الشماريخ (الألعاب النارية) وإشعال النار في أخشاب الشركات المكلفة باستكمال أسوار الجامعة ومنشآتها». وقال رئيس الجامعة أسامة العبد في بيان، إن «تجمعات الطلاب شهدت إطلاق شماريخ وتشويهاً للحوائط والجدران، ثم إشعال للنار أمام البوابة الرئيسة، ما تسبب في دخول الشرطة للسيطرة على الموقف وإعادة الأمن وإطفاء الحرائق، خصوصاً أن الطلاب قذفوا عربات الشرطة المتمركزة خارج الأسوار بالحجارة». وأوضح أن دخول الشرطة تم بعد استدعاء إدارة الجامعة لها. وخرج مئات الطلاب في مسيرة من جامعة القاهرة إلى ميدان النهضة قرب مديرية أمن الجيزة، لتقع مواجهات ومصادمات عنيفة بين الطلاب والشرطة التي أغلقت محيط مديرية الأمن. وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع ورد الطلاب بالحجارة والألعاب النارية، وسط سماع دوي طلقات خرطوش في محيط الاشتباكات. وتراجع الطلاب أمام كثافة إطلاق الغاز وطلقات الخرطوش إلى محيط الجامعة ودخلوا مجدداً الحرم الجامعي، لتتكرر مشاهد العنف وحرق الأشجار، ما دفع عمداء كليات إلى طلب دخول الشرطة إلى حرم الجامعة للجم العنف. لكن الشرطة ظلت متمركزة أمام بوابة الجامعة وباب كلية الهندسة، وأطلقت قنابل غاز داخلهما لمنع الطلاب من الخروج مجدداً ورفع طلاب رايات «القاعدة». ونظم مئات الطلاب مسيرات في جامعة عين شمس قرب وزارة الدفاع في حي كوبري القبة، لكن الأمن الإداري أغلق البوابات ومنعهم من الخروج إلى شارع الخليفة المأمون خشية وقوع مصادمات مع قوات الجيش والشرطة المكلفة حماية مقر الوزارة. وتظاهر عشرات في حي الزيتون قرب حي كوبري القبة، ورشقوا قوات شرطة في المنطقة بزجاجات حارقة، وردت الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. وفي جامعة الإسكندرية شمال مصر، وقعت اشتباكات بين الطلاب والشرطة قرب حرم الجامعة وأمام كليات عدة، استخدمت فيها قنابل الغاز المسيل للدموع من قبل الشرطة وحجارة وألعاباً نارية وزجاجات حارقة من قبل المتظاهرين. ومنعت الشرطة الطلاب من الخروج إلى الشوراع، ليتحول محيط الجامعة والكليات إلى ساحات للمواجهة. وتصدت الشرطة لمسيرات لأنصار مرسي في مناطق متفرقة من المدينة الساحلية، وفرقتها بقنابل الغاز المسيل للدموع. وتكرر المشهد ذاته في جامعات إقليمية عدة، منها جامعات المنصورة وكفر الشيخ والمنوفية والمنيا وأفرع جامعة الأزهر في المحافظات.