أكد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام انه «آن الأوان لوضع حد للخلل القائم، ولإعادة الروح إلى الحياة السياسية عبر تفعيل العمل بالمؤسسات الدستورية»، داعياً «القوى السياسية جميعاً إلى التواضع والتواصل والتوافق على ما يسمح بتسيير العمل الحكومي وخدمة مصالح اللبنانيين». وقال سلام خلال افتتاح المؤتمر المصرفي العربي في فندق «فينيسيا- إنتركونتيننتال»: «منذ أسبوع سال في لبنان دم كثير، امتدت يد مجرمة وراءها عقل أسود إلى منطقة سكنية في ضاحية بيروت الجنوبية، فنشرت الدمار وحصدت عشرات الشهداء من المدنيين الأبرياء، وأثارت مخاوف وأسئلة كثيرة عن أمن البلاد وأهلها، في هذه المرحلة الدقيقة التي يموج فيها جوارنا بأحداث هائلة». وأضاف: «من قلب بيروت، نقول للقتلة العاملين للفتنة: فشلتم. بيروت لا تزال مدينة السلام ونافذة المشرق على العالم، ولاّدة الكفاءات، مدرسة الصبر والصمود، ساحة التلاقي والعطاء، وحضننا مفتوح للكرام». واعتبر سلام أن تنظيم المؤتمر في بيروت «يظهر مرة جديدة الأهمية التي توليها الأسرة المصرفية العربية لمناخ الأعمال في بلادنا، ويثبت قدرة لبنان على النهوض على رغم الظروف، والحفاظ على قطاع خاص حيوي وقطاع مصرفي نشط». وشكر «الدول العربية الشقيقة وفي مقدمها المملكة العربية السعودية وبلدان مجلس التعاون الخليجي، والمؤسسات والصناديق العربية المانحة، التي وقفت ولا تزال إلى جانب لبنان». وأكد «اعتزازنا بالروابط المتينة التي نسجها اللبنانيون في الوطن والمهاجر مع قطاعات المال والأعمال في البلدان العربية، ونعتبرها نموذجاً ناجحاً نأمل بتعميمه على كل مستويات التعاون العربي». وقال سلام: «ليس بالأمر اليسير على أي دولة، أو أي سوق مالية، أن تستمر عجلتها في الدوران والإنتاج، في الوقت الذي تتعرض إلى أزمات سياسية متوالدة وانكماش اقتصادي وتهديدات إرهابية. لكن لبنان، تمكَن على رغم كل الضغوط من تثبيت استقراره النقدي، ونجح القطاع المصرفي اللبناني في الحفاظ على ملاءة عالية، ونسب فوائد منخفضة، ونمو مستمر في موازنته المجمعة. هذه المؤشرات تعكس كفاءة القطاع المصرفي اللبناني، ونجاح السياسة الحكيمة للمصرف المركزي، بقيادة الحاكم رياض سلامة. لكن ذلك لا يلغي أن قطاعات اقتصادية أخرى، صناعية وزراعية وتجارية واستثمارية، تمكنت من الصمود في وجه الظروف الصعبة، وأظهرت شجاعة فائقة وإصراراً وقدرة عالية على التأقلم. فتحية إلى جميع العاملين في الحقل المصرفي وفي القطاع الخاص، الذين يشكلون نموذجاً للنجاح اللبناني ويقدمون أمثولة في الإيمان بمستقبل لبنان». وتوقف عند «إقرار المجلس النيابي في جلسة استثنائية مجموعة من مشاريع القوانين التي ترتدي أهمية بالغة بالنسبة إلى اقتصادنا، وخصوصاً الى القطاع المصرفي والمالي». وقال: «أمنت هذه القوانين مظلة قانونية شاملة لقضايا مكافحة تبييض ونقل الأموال وتمويل الإرهاب، مع العلم أن مصارفنا كانت لسنوات طويلة، وفي ظل الرقابة الشديدة للمصرف المركزي، تلتزم التزاماً صارماً النظم والمعايير الدولية في هذا المجال». وأشار إلى مصادقة المجلس على عدد من الهبات والاتفاقات مع المؤسسات المالية الدولية، تتعلق بتمويل مشاريع ضخمة للبنى التحتية. وقال: «نعتقد أن مشاريع من هذا النوع ستنعكس إيجابا على النمو، وستؤدي إلى خلق فرص عمل وستحفز الدورة الاقتصادية. وستقوم السلطة التنفيذية بواجباتها، لأن الاستحقاقات الداخلية داهمة والمخاطر الخارجية حقيقية وخطيرة، فهناك لائحة طويلة من القرارات الضرورية التي تتعلق بالمصلحة العامة وبشؤون المواطنين، وبينها قرارات تحتل أولوية قصوى مثل تبني خطة معالجة النفايات وتطبيقها». ودعا «القوى السياسية جميعاً مدعوة إلى التوافق على ما يسمح بتسيير العمل الحكومي وخدمة مصالح اللبنانيين، في انتظار التسوية السياسية الكبرى التي يشكل مدخلها حتماً انتخاب رئيس للجمهورية». وقال: «شكلت الدماء البريئة التي سالت في برج البراجنة هزة للوجدان الوطني، وأثارت موجة عارمة من الرفض والاستنكار للإرهاب والإرهابيين. ونعتبر أن الفرصة متاحة للبناء على لحظة التضامن الوطني، والانطلاق من المواقف السياسية المسؤولة التي أعقبتها، لتوسيع التواصل وتعميق الحوارات القائمة أملا بالوصول إلى حلول تحمي بلدنا وتحصنه إزاء مخاطر الأحداث الإقليمية وتداعياتها».