عمدت الحكومة الماليزية إلى تطبيق القوانين الجنائية لإسكات منتقديها وقمع التظاهرات العامة، في خطوة شكلت تهديداً مباشراً لحرية التعبير. غير أن التضييق الذي تمارسه الحكومة بات يهدد استقرار البلاد، إذ شهدت كوالالمبور تظاهرة حاشدة نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، شارك فيها آلاف الماليزيين، احتجاجاً على سوء الإدارة التي تنتهجها الحكومة، وطالبوا باستقالة الرئيس نجيب رزاق، وإجراء إصلاحات دستورية. وجاءت الاحتجاجات على خلفية تورّط الحكومة بقضية فساد مالية، إذ اتهمت بتحويل مبالغ مالية ضخمة إلى حسابات مصرفية شخصية عائدة إلى رئيس الحكومة، بعدما قامت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، بنشر تحقيق يُفيد بأن «الحسابات البنكية لرئيس الوزراء نجيب رزاق، تلقت تحويلات مالية بلغت نحو 700 مليون دولار أميركي». واتخذت السلطات الماليزية، إجراءات تمنع الوصول إلى الموقع الإلكتروني الخاص بمجموعة «بيرسيه» التي نظمت التظاهرة، وحظرت قمصانها وشعاراتها. وقالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في تقرير، من أن «رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما وغيره من الزعماء، سيجتمعون في العاصمة الماليزية اليوم، من أجل دعوة الحكومة إلى إصلاح قوانينها القمعية والحد من إجراءات الرقابة». ونشرت المنظمة تقريراً بعنوان «خلق ثقافة الخوف»، يوثق تجاوزات الحكومة واستغلالها مجموعة من القوانين الغامضة التي تجرم حرية التعبير عن الرأي، وتضمّن مقابلات مع نشطاء من المجتمع المدني، إضافة إلى صحافيين وأكاديميين وسياسيين معارضين. ويستند التقرير إلى تحقيق معمّق لقوانين عدة، مثل قانون «إثارة الفتنة» و «المطابع»، وقانون «التجمع السلمي»، ومختلف أحكام قانون العقوبات. وذكر رئيس قسم «معهد آسيا للدراسات» براد أدمز، أن «ماليزيا انغمست في ملاحقة النقاد والمعارضين قضائياً، بدلاً من تلبية المطالب الديموقراطية والحقوق الأساسية التي تعاملت معها باعتبارها جريمة». وتخلّت الحكومة الماليزية عن وعودها بمراجعة القوانين التي تجرم التعبير السلمي، عندما نفذت إجراءات تتنافى مع الديموقراطية، مثل الاعتقال في وقت متأخر من الليل، إضافة إلى تجديد فترة الحجز غير المبرر. وتعرّض الرئيس نجيب رزاق لتهم فساد استطاع التصدي لها سابقاً، وهذه المرة الأولى التي يُتهم فيها بتلقّي أموال بطريقة مباشرة على حساباته البنكية. وفي محاولة منه للسيطرة على حال التوتر التي أعقبت التظاهرات، ترأس رزاق عرضاً للجنود والشرطة وموظفي الحكومة، لمناسبة الذكرى السنوية للاستقلال.