لحظات تاريخية سجلها مجلس النواب الأميركي والرئيس باراك أوباما أمس بتمرير مشروع اصلاح نظام الرعاية الصحية وهو الانجاز التشريعي الأضخم لأي رئيس أميركي منذ ليندون جونسون واقرار قانون ضمان الشيخوخة في ستينات القرن الماضي. وأعطت الخطوة الديموقراطيين وأوباما زخما هما بأمسّ الحاجة اليه في خوض المعركة الانتخابية النصفية خلال سبعة أشهر، وسيحاول فيها الجمهوريون انتزاع الغالبية في الكونغرس بعد عجز أقليتهم عن التصدي للأجندة الديموقراطية. وبعد سنة من الجدال التشريعي بين الحزبين ومواجهة البيت الأبيض مطبات عدة أمام مشروع الضمان الصحي، صادق مجلس النواب مرة أخيرة عليه بأكثرية 219 ومعارضة 212 على المرسوم الذي تخطى الألفي صفحة ويشمل اجراءات لاعادة تأهيل النظام الصحي الأميركي بكلفة تصل 940 بليون دولار وتضمن التغطية الصحية ل32 مليون أميركي هم من دون تأمين صحي اليوم. واذ هنأ أوباما في كلمة ألقاها من الجناح الشرقي للبيت الأبيض في ساعات الصباح الأولى الأميركيين على الانجاز، أكد أنه دليل على أن الولاياتالمتحدة "ما زالت قادرة على القيام بأمور عظيمة" وخصوصا بعد نعي الكثير من المراقبين للمشروع وعقب خسارة الديموقراطيين الغالبية الساحقة (60 في المئة) في مجلس الشيوخ أول العام. وكان رؤساء سابقون بينهم بيل كلينتون فشلوا في تمرير مشروع مماثل وبعد معارضة شرسة من الجمهوريين. وسيوقع أوباما النص يوم غد في البيت الأبيض ومن ثم يحوله الى مجلس الشيوخ للموافقة على الاجراءات الأخيرة التي عدل فيها مجلس النواب قبل التصويت. كما سيحمل أوباما المشروع الى الولايات الانتخابية هذا الأسبوع لتسويقه ومنع الجمهوريين من ترويجه كمؤشر يزيد العجز والتدخل الحكومي في الشؤون الخاصة. وكان الرئيس الأميركي ألغى جولته الخارجية الى أندونيسيا وأستراليا لهذا الهدف. ويعتبر المشروع وهو الأضخم منذ محاولات تيودور روزفلت وبعده هاري ترومان (1945-1953) في التعاطي مع المسألة، محطة فاصلة في رئاسة أوباما والحزب الديموقراطي الحاكم. وستهيمن تفاصيل المشروع وكيفية قراءته من الرأي العام على الجدل الانتخابي، وسيكون النجاح في تطبيقه ضمان لاحتفاظهم بالغالبية فيما سيعني استمرار الاستياء الشعبي منه خسارة محتملة لمجلس النواب في تشرين الثاني. وحشد الحزب الجمهوري القاعدة اليمينية المتشددة لمعارضة المشروع، والتي سارت بتظاهرات حول مبنى الكابيتول طوال الأيام الفائتة وحملت ألوانا عنصرية بعد رفع شعارات تندد بالأفارقة الأميركيين والرئيس أوباما. ويعول الجمهوريون على ربط القانون بنسبة العجز وكون الضمان الصحي يمثل سدس الموازنة، واتهام أوباما بزيادة التدخل الحكومي في الشؤون الاقتصادية. وستكون نسب البطالة وحال الاقتصاد الأميركي هي المفصل في الشهور المقبلة، اذ سيعطي التعافي الذي تنتظره الادارة زخما للديموقراطيين فيما سيعني استمرار الركود فرصة للجمهوريين لانتزاع الكونغرس.