عثر المحققون بعد يومين من الإعتداءات الدامية في باريس على إحدى السيارات التي استخدمها على الأرجح منفذو الهجمات وداخلها سلاح، ما عزز المخاوف من أن يكون بعض المهاجمين أو متواطئين معهم لا يزالون فارين. وفق ما علم مصدر قضائي اليوم (الأحد)، عثر على السيارة وهي من نوع «سيات» سوداء في بلدية محاذية لباريس، داخلها العديد من البنادق الهجومية من نوع «كلاشنيكوف» وهو النوع نفسه الذي استخدم في الاعتداءات. وفي الإجمال، فإن ثلاث مجموعات من المسلحين زرعت الرعب والموت في العاصمة الفرنسية الجمعة الماضي موقعة 129 قتيلاً، بينهم 20 أجنبياً وأكثر من 350 جريحاً. والهجمات المنسقة تبناها تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذي تشارك فرنسا في الغارات على مواقعه في سورية والعراق. وبحسب شهود، فإن السيارة التي عثر عليها في مونتروي تنقلت فيها المجموعة التي هاجمت ثلاث حانات ومطاعم في شرق باريس. ووضع سبعة أشخاص هم من أفراد أسرة أحد الإنتحاريين عمر إسماعيل مصطفوي (29 عاماً) فرنسي مولود في ضواحي باريس، قيد التوقيف الإحتياطي. وتم سماع أقوال والده وزوجته وشقيقه. وكان هذا الانتحاري أحد مهاجمي قاعة «باتاكلان» في باريس، في قطيعة مع أسرته، بحسب المعطيات الأولية للتحقيق. وتم التعرف عليه في تحليل اصبع عثر عليه في المسرح، وتبين أنه مسجل لدى الأمن منذ العام 2010 كمتطرف متشدد، لكن لم تعرف له علاقات بشبكات متشددة، بحسب القضاء الفرنسي. وهو معروف خصوصاً لدى أجهزة الأمن، بسبب جرائم صغيرة أدت إلى صدور ثمانية أحكام في حقه بين أعوام 2004 و2010، لكن من دون أي عقوبة سجن. وبحسب مصدر قريب من التحقيق، فإن مصطفوي كان يتردد باستمرار على مسجد لوسيه قرب شارتر في وسط فرنسا. ويسعى المحققون إلى اثبات أن هذا الانتحاري أقام فعلاً في سورية العم 2014. وبحسب شقيقه، فإنه غادر إلى الجزائر مع أسرته وابنته الصغيرة، مؤكداً أن «أخباره انقطعت منذ فترة». وجرت الاعتداءات الأشد دموية في تاريخ فرنسا بين قاعة «باتاكلان» وملعب فرنسا وحي يضم حانات ومطاعم في شرق باريس. ووجدوا المحققون أيضاً قرب جثة انتحاري عند ملعب فرنسا على جواز سفر سوري واحد على الأقل، يعود إلى مهاجر وصل إلى اليونان في 3 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. ومستبقاً الجدل بشأن تسلل انتحاريين بين سيل اللاجئين السوريين، دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر اليوم الاتحاد الأوروبي إلى «تفادي أي ردود فعل». وصرح يونكر للصحافيين على هامش «قمة ال20 في أنطاليا بتركيا «أود أن أدعو الدول الأوروبية التي تحاول تغيير أجندة الهجرة التي اعتمدناها، أن تكون جدية في شأنها، وعدم الإستسلام إلى ردود الفعل الأولية هذه». وأضاف أن «الأشخاص الذين نظموا وارتكبوا تلك الهجمات هم الأشخاص أنفسهم الذين يفر منهم اللاجئون وليس العكس، ولا داعي إلى إجراء مراجعة كلية للسياسة الأوروبية في شأن اللاجئين». وقررت رئاسة الاتحاد الأوروبي الدعوة إلى عقد مجلس طارىء لوزراء الداخلية والعدل للدول الأعضاء ال28 في بروكسيل، استجابة لطلب قدمته باريس على إثر اعتداءات الجمعة الماضي. وأعلن نائب رئيس وزراء لوكسمبورغ وزير الأمن الداخلي أتيان شنايدر في بيان رسمي أنه «بعد أحداث باريس المأسوية يهدف هذا المجلس إلى تشديد الرد الأوروبي وضمان متابعة التدابير المقررة وتطبيقها». وصرحت النيابة العامة البلجيكية اليوم في بيان أن «بين منفذي هجمات باريس فرنسيين، أقاما في بروكسيل، أحدهما في حي مولنبيك تحديداً وقتلا في موقع الهجمات». وأفادت النيابة العامة أن «السيارتين المسجلتين في بلجيكا واللتين عثر عليهما المحققون الفرنسيون في باريس وضاحيتها القريبة، استؤجرتا مطلع الأسبوع في منطقة بروكسيل»، مضيفة أنه «تم توقيف سبعة أشخاص في بلجيكا منذ أمس في إطار الشق البلجيكي من التحقيق في الاعتداءات». ووفق المحقق المكلف التحقيق فرنسوا مولين فإن «ثلاثة مهاجمين قتلوا في باتاكلان وثلاثة فجروا أنفسهم قرب ملعب فرنسا، إذ كان 80 ألف متفرج بينهم الرئيس فرنسوا هولاند يشاهدون مباراة كرة قدم ودية بين فرنسا وألمانيا، وقتل المهاجم الأخير في جادة فولتير في شرق باريس». وبعد 10 أشهر من اعتداءات كانون الثاني (يناير) الماضي التي أوقعت 17 قتيلاً، أغرقت اعتداءات الجمعة الماضي فرنسا في موجة من الألم والحداد. وبدأ اليوم الحداد الوطني يستمر ثلاثة أيام. وأغلقت المتاحف وقاعات العروض في العاصمة، كما لم يسمح بتنظيم أسواق الهواء الطلق التقليدية. ومن المقرر تنظيم مواكب صلاة مساء اليوم. واستقبل الرئيس هولاند الذي دعا إلى الوحدة الوطنية، قادة الأحزاب وبينهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في محاولة التوصل إلى تفاهم سياسي. ومن المقرر أن يتحدث غداً أمام غرفتي البرلمان في حدث سياسي نادر. وأكدت الحكومة الفرنسية مجدداً أن «فرنسا ستستمر في ضرب داعش من أجل تدميره». وأكد وزير الداخلية جان أيف لودريان «علينا إستهداف مجمل قدرات داعش، ويستمر وصول رسائل التضامن والدعم من العالم بأسره». ووقف قادة مجموعة ال20 المجتمعون في مستهل قمتهم في أنطاليا جنوبتركيا دقيقة صمت حداداً على ضحايا اعتداءات باريس. وأعلن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي بين رودس أن «الولاياتالمتحدة ستكثف التنسيق مع فرنسا بشأن الرد العسكري في سورية على هجمات باريس، كما ستكثفان تبادل المعلومات الإستخباراتية».