تعكس الحرف اليدوية في أروقة مهرجان الجنادرية مكامن الإبداع في شخصية الإنسان السعودي منذ القدم، وقدرته على تطويع مواد تقليدية بسيطة لصنع أدوات مهمة وتعيد الألق لمهن كادت تندثر مع التطور المتسارع في طريقة الحياة. ويتولى حرفيون سعوديون شرح طرق عملهم للزائرين، الذين يتوافدون بكثرة على المكان، وبينما ينشغل أحدهم في صنع السلال والبُسط، يعمل آخر على صنع أغراض للزينة ونوافذ من الزجاج المعشّق بمعدن الرصاص ومعلقات جدارية، فيما ينحت ثالث قطعاً خشبية لتخرج من تحت يديه تحفة فنية. وتلقى صياغة الذهب والفضة التي تعد من أقدم الحرف اليدوية وأهمها إقبالاً كبيراً من الزوار، وكذلك أعمال «الباتيك»، وهي طريقة خاصة لزخرفة المنسوجات بالأصباغ وأعمال الخيزران، وتضفير السلال والمنحوتات الخشبية. وتعلو محيا حرفي تجاوز عمره 60 عاماً ابتسامة وهو يصافح شباناً صغاراً أتوا ليروا كيف يصنع المفارش التي توضع على أرضيات البيوت والمساجد، والحصر من حبال من الليف والأسل تخاط بعضها إلى بعض ثم تطوى أطرافها وتخاط بحبل من القصب، وتشتهر منطقة الأحساء بهذه الحرفة، نظراً لتوافر مادتها الخام وهي نبات الأسل الطبيعي وصاحب هذه الحرفة يطلق عليه اسم «المداد». ويبدي حرفيون مهارة في حرفة الحدادة التي كان لها دور بارز في الماضي في صنع القدور والصواني والصحون. وتعد حرفة الحياكة أو فن «السدو» من الصناعات التقليدية الشعبية التي مارسها أجدادنا في الماضي، وتعتمد على خامات البيئة المحلية ومهارة الحائك، وهو فنان شعبي يجيد التعامل مع الخيوط الصوفية ونسجها بواسطة مصنع بسيط يسمى «محاك»، وينتج بيوت الشعر وعدداً من أنواع الفرش والبسط وبعض أغطية الكسوة في المنزل والأكياس التي تستخدم لتخزين الحبوب والخروج والحبال وشمائل الإبل والخطم. وفي ركن آخر، تبرز مهنة «القفاص»، وهو حرفي يتعامل مع جريد النخل بعد إزالة أوراقه أو ما يسمى «الخوص» بالتعبير المحلي الدارج، ومن أشهر الأدوات التي يبدعها القفاص «المحضر» أو «المنز» وهو سرير نوم الطفل، وأقفاص الطيور وأقفاص الرطب والتين والمراجيح القديمة وغيرها ويستخدم القفاص في عمله نوعين من الجريد هما الأخضر واليابس. ويندف عدد من أبناء الوطن القطن بواسطة «المندفة»، وينتج النداف عدداً من الأدوات التي كانت سائدة آنذاك كالمطارح والمخاد بأحجامها وأشكالها والمساند الخاصة بالجلوس وغيرها الكثيرة في هذا المجال. ومن بين المهن العريقة التي اختفت في عصرنا الحاضر نجارة الأبواب القديمة، وهي على نوعين الأول وهو الأقدم ويصنع من جذوع النخل على شكل ألواح مستطيلة ثم يشذبه النجار ليأخذ شكله النهائي، والنوع الثاني ومادته خشب الأثل، وهو الأكثر استخداماً في الماضي. وتعد صناعة الدلال من الحرف القديمة التي دخلت إلى المملكة وكان الحرفيون في بداية عملهم في هذا المجال يقومون بتبييضها وجليها، ثم تطورت صناعتها وانتشرت في شمال المملكة.