اعتبرت إسرائيل أن الأزمة التي نشأت في العلاقات بينها وبين الولاياتالمتحدة في أعقاب إقرار وزارة الداخلية بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «رمات شلومو» شمال القدسالمحتلة، «انتهت» في أعقاب المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مساء أول من أمس، وأبلغها فيها موقف إسرائيل من المطالب الأميركية الأربعة التي طرحتها خلال «مكالمة التوبيخ» معه الأسبوع الماضي. وأكدت وسائل الإعلام العبرية أن نتانياهو أبلغ كلينتون قرار المنتدى الوزاري السباعي عدم وقف البناء في مستوطنات القدسالمحتلة، أو إلغاء البناء في مستوطنة «رمات شلومو»، لكنه تعهد القيام بمبادرات حسن نية تجاه الفلسطينيين لم يتم كشف طبيعتها. واكتفى مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بالقول في بيان أصدره إن نتانياهو اقترح خلال المحادثة الهاتفية المطولة «خطوات متبادلة لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية»، وأن كلينتون أطلعت من جهتها رئيس الحكومة على قرار إيفاد المبعوث الرئاسي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى تل أبيب ورام الله غداً الأحد قبل مغادرة نتانياهو إلى واشنطن للمشاركة في أعمال مؤتمر اللوبي اليهودي في الولاياتالمتحدة «ايباك». واعتبرت أوساط نتانياهو تصريح وزيرة الخارجية الأميركية في اجتماع الرباعية الدولية في موسكو أمس بأن نتانياهو «وفر أجوبة مفيدة ومثمرة» لقلق واشنطن في ما يتعلق بالبناء في القدس، تأكيداً على تجاوز الأزمة. وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن نتانياهو كرر الادعاء بأن مشروع البناء في المستوطنة اليهودية شمال القدسالشرقية لن ينطلق إلا بعد ثلاث سنوات، مضيفاً أنه لا يملك الصلاحية القانونية لإلغاء قرار بناء الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنة، لكن في مقدوره إرجاء بدء البناء. ونقلت صحيفتا «يديعوت أحرنوت» و «هآرتس» عن صحيفة «واشنطن بوست» (التي اعتمدت كما يبدو ايجازاً من السفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورن) قولها إن «نتانياهو التزم أمام كلينتون عدم نشر قرارات جديدة للجنة التخطيط والبناء تتعلق بالبناء في القدس في وسائل الإعلام (كما يلزم القانون) لمنع تكرار ما حصل من إحراج لنائب الرئيس الأميركي خلال زيارته إسرائيل عند الإعلان عن البناء في مستوطنة رمات شلومو». وتابعت الصحيفة الأميركية أن نتانياهو التزم باسم «المنتدى الوزاري السباعي» القيام ب «سلسلة لفتات طيبة» تجاه الفلسطينيين، «لكن في الضفة الغربية وليس في القدس». ورجحت الصحيفة أن تشمل هذه الخطوات الإفراج عن أسرى من حركة «فتح» وإزالة حواجز عسكرية أخرى في الضفة وربما سحب الجيش الإسرائيلي من مناطق أخرى هناك وتسليم إدارتها الى السلطة الفلسطينية. ورأت أوساط نتانياهو أن المحادثة التي أجراها نتانياهو تمهد الطريق للقائه كلاً من كلينتون ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن ومسؤولين كباراً آخرين في العاصمة الأميركية، وهي لقاءات كانت مشروطة برد نتانياهو على مطالب كلينتون، فيما تسعى هذه الأوساط إلى ترتيب لقاء بين نتانياهو والرئيس الأميركي باراك أوباما، خصوصاً بعدما أرجأ الأخير زيارته لأندونيسيا وأستراليا. وقرر نتانياهو أن يصطحب معه إلى واشنطن وزير الدفاع زعيم حزب «العمل» ايهود باراك المقبول لدى البيت الأبيض ليسهّل مهمة لقاء أركان الإدارة الأميركية وليظهر للولايات المتحدة والعالم أن إسرائيل بكل أحزابها الصهيونية تتبنى السياسة ذاتها في شأن القدس، القاضية بأن كل المستوطنات في المدينة ستكون جزءاً من إسرائيل في إطار أية تسوية دائمة. إلى ذلك، حملت صحيفة حركة «شاس» الدينية المتشددة على أوباما بعد النشر في «معاريف» عن أن المسؤولين الأميركيين توقعوا أن يقدم نتانياهو على إطاحة زعيم شاس وزير الداخلية ايلي يشاي في أعقاب إقرار البناء في «رمات شلومو». وجاء في افتتاحية الصحيفة أن «أوباما مسلم ويفتقر إلى التجربة، وهو الذي يشعل القدس ولا يعرف العرب». وكان الحاخام المتشدد شالوم دوف وولفا قال في اجتماع حاشد لجمهور متدينين متشددين الأربعاء الماضي أن «حسين أوباما أعلن حرباً علنية على الله عز وجل، وسيُعاقَب كما حصل لكل أعداء إسرائيل الذين شنوا حرباً عليها». في غضون ذلك، رفض وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أمس دعوة اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط إلى وقف الاستيطان، معتبراً أن هذا الموقف «يؤدي إلى تضاؤل فرص السلام» مع الفلسطينيين. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ليبرمان قوله أمام جمعية يهودية في بروكسيل: «لا يمكن فرض تسوية في شكل مصطنع وبرنامج زمني غير واقعي. هذا الأمر يؤدي إلى تضاؤل فرص السلام». وأعرب عن أسفه لكون هذا الموقف «يعزز لدى الجانب الفلسطيني انطباعاً خاطئاً بأنه يستطيع تحقيق غاياته عبر تفادي التفاوض المباشر مع إسرائيل مستنداً إلى كل أنواع الذرائع». وأضاف: «على الفلسطينيين أن يثبتوا أنهم مهتمون بمفاوضات بعدما أعلنت الحكومة الاسرائيلية أنها تريد التفاوض مباشرة وقامت بمبادرات ذات دلالة في هذا الاتجاه»، في إشارة إلى التجميد الجزئي للاستيطان لعشرة أشهر الذي قررته إسرائيل خارج القدسالمحتلة.