مرت المنطقة المركزية في المدينةالمنورة بتطورات تنموية لافتة في العقود الأخيرة، إذ كانت قبل نصف قرن لا تتسع سوى لنحو 30 ألف ساكن، بين بيوت من طين، فيما أصبحت في الآونة الأخيرة تحتضن أكثر من 300 ألف نسمة من الحجاج والمعتمرين، بين بنايات شاهقة شيدت وفق الطراز الحديث. وأحدثت الطفرة الحضارية التي عاشتها المنطقة تبايناً في الآراء بين عدد من الاختصاصيين، إذ رأى غالبيتهم أن المشاريع التنموية أسهمت في خدمة المترددين على المسجد النبوي، بتوافر الخدمات التي يسرت لهم عملية زيارتهم للحرم الشريف، في حين رأى البعض أن التمدين الذي تعيشه المنطقة أفرز العديد من السلبيات، أبرزها الاختناقات المرورية، فضلاً عن الكثافة السكانية التي تشهدها الفنادق والمرافق في الموقع، وما تخلفه من كوارث وأخطار في حال حدوث حريق بها (لاسمح الله). ورأى مدير الموارد البشرية في أحد الفنادق الراقية في المنطقة المركزية عبدالمنعم رفاعي خلال حديثه إلى «الحياة»، أن التطور المذهل الذي تشهده المنطقة خدم الحجاج والمعتمرين كثيراً ووفر عليهم الجهد والمال، موضحاً أن الحاج لم يعد مضطراً أن يخصص موازنة لوسائل المواصلات، لنقله من وإلى الحرم النبوي، «فهو على بعد خطوات منه». وبين أن المشاريع التنموية المنتشرة في الموقع أراحت كبار السن والعجزة والنساء من مشاكل السير لمسافات طويلة إلى الحرم، «فهي متقاربة السكن واضحة المعالم وتستطيع النسوة التردد على الحرم والأسواق المجاورة له مرات عدة في اليوم». وقال: «إن المواطن لا يرى الحاج إلا عند دخوله طيبة، أو خروجه منها إلى مكة داخل الحافلات داعياً له بالسلامة والحج المبرور والإقامة السعيدة داخل مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم»، موضحاً أن من الإيجابيات كذلك خفض حوادث الدهس داخل المنطقة المركزية، بسبب قلة السيارات في المنطقة، إلى جانب السكن الجماعي بحسب الجنسية غالباً. أما الموظف بأحد الفنادق في المنطقة المركزية عمر عبدالعال فيرى غير ذلك، معتبراً وجود الحافلات في المنطقة المركزية من السلبيات، «لأنها تعرقل حركة المرور». وأفاد أنه يمكن لحافلة واحدة أن تعطل حركة المرور لنحو 10 دقائق إذا أرادت الدوران في المنطقة، مشيراً إلى أن السائق يضطر للكر والفر أمام الميدان حتى يستطيع الخروج. وتابع متسائلاً: «ولو كل حافلة تأخرت خمس دقائق، فكم الزمن الذي يستغرقه دخول أو خروج 1000 حافلة كل يوم للمنطقة المركزية في ساعة الذروة». وأضاف عبدالعال: «إن بعض الفنادق والبنايات الضخمة تحتضن ما بين 3000 إلى 4000 زائر وهو عدد كبير جداً، ولو وقع حريق أو انهيار في إحدى تلك العمارات، من الصعب إخلاؤها في زمن قياسي يخدم ناحية الأمن والسلامة، خصوصاً إذا عدنا لضيق الشوارع والميادين، وافتقاد مساحات فضاء لعمليات الإخلاء والإنقاذ»، لافتاً إلى أن غالبية شوارع المنطقة المركزية بسعات تتراوح بين 12متراً و16متراً و20متراً، وهي في معيار الأمن والسلامة لا تعد عوامل مساعدة على سرعة الإنقاذ والإخلاء لعدد كبير في بناية واحدة، «أما إذا تعدى الأمر لعمارات متلاصقة فإن تلك كارثة ستكون أكبر».