واشنطن، نيويورك، باريس، القاهرة، جدة - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - خففت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس من لهجتها في شكل ملحوظ إزاء الإجراءات الإسرائيلية في القدسالمحتلة، في محاولة لاحتواء الأزمة مع إسرائيل. وشددت على «التزام (أميركي) مطلق بأمن إسرائيل. وهناك رباط وثيق لا انفصام له بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل»، معتبرة أن الهدف الآن هو «التأكد من الالتزام الكامل من شركائنا الفلسطينيين والإسرائيليين» بالسلام. وشددت على أن التخلي عن المفاوضات غير المباشرة يحمل «الكثير من المخاطر» للجانبين. وقالت بعد لقائها نظيرها الارلندي مايكل مارتن العائد من زيارة لقطاع غزة، إن واشنطن تخوض «استشارات فاعلة جداً مع الإسرائيليين حول الخطوات التي نراها مطلوبة لإظهار الالتزام بعملية السلام». وإذ رفضت الوزيرة الإفصاح عن تفاصيل الخطوات التي تعتبر اليوم العائق الأكبر في العلاقة بين تل أبيب وواشنطن، أكدت أن المسألة «صعبة ومعقدة»، مكررة الالتزام الأميركي «بحل الدولتين واستئناف المفاوضات بين الطرفين». وقالت: «نعتقد أن صبر (المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط) جورج ميتشل أسطوري وسيحقق النجاح مع انطلاق العملية، لأن هناك الكثير على المحك للاسرائيليين والفلسطينيين». وجاءت تصريحات كلينتون التي بدا أنها تجاوزت موضوع الإجراءات الإسرائيلية الاستيطانية في القدس، بعدما أرجأ المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل جولته التي كانت مقررة أمس إلى المنطقة. وأعلن مكتب الحكومة الإسرائيلية في بيان إن «سفارة الولاياتالمتحدة في إسرائيل اتصلت بمكتب الرئاسة لإبلاغه بأن ميتشل لن يصل». لكن ديبلوماسياً في السفارة الأميركية في تل أبيب قال إن الإرجاء «مسألة لوجستية. لقد حصل تغيير في برنامج ميتشل في واشنطن وعليه المشاركة في مشاورات. وبالتالي ليس لديه الوقت للمجيء إلى هنا كما كان يرغب». وستجرى الزيارة بحلول نهاية الشهر بعد اجتماع اللجنة الرباعية الذي يعقد الجمعة في موسكو. وكان من المنتظر أن يزور ميتشل المنطقة هذا الأسبوع لإطلاق مفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. لكن العلاقات بين إسرائيل والولاياتالمتحدة غرقت في أزمة ديبلوماسية بسبب قرار الدولة العبرية بناء 1600 وحدة استيطانية في القدسالشرقية. غير أن واشنطن أكدت أن هذا التوتر لا يهدد التحالف الاستراتيجي الوثيق بين البلدين. وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي إن إسرائيل «حليف استراتيجي وستبقى كذلك». وأضاف أنه على رغم مسألة الاستيطان، فإن «التزامنا بأمن اسرائيل يبقى قائماً ولا يمكن أن يتزعزع». ورفض كراولي الانتقادات الفلسطينية لتدشين «كنيس الخراب» اليهودي في القدسالشرقية. وقال: «إننا نجد تصريحات العديد من المسؤولين الفلسطينيين التي تقدم هذه التظاهرة في شكل مغلوط، مزعجة في شكل عميق، الأمر الذي من شأنه أن يزيد التوتر الذي نشهده». وأكد أنه «يتعين على جميع الأطراف القيام بما هو ضروري للحفاظ على الهدوء»، وطالب «المسؤولين الفلسطينيين بوضع حد لمثل هذه الاستفزازات». من جهته، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مؤتمر صحافي أمس إلى الهدوء وضبط النفس في القدس. وذكر الإسرائيليين والفلسطينيين بأن «وضع القدس هو موضوع للمفاوضات النهائية»، مجدداً تأكيده «بوضوح» أن «المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية من وجهة نظر القانون الدولي». وفي باريس، دعا الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أمس إسرائيل الى العدول عن أي قرار يعرقل معاودة التفاوض، ووصف الاستيطان في القدسالشرقية والضفة الغربية بأنه غير شرعي. وقال إن التوترات القائمة في القدس مثيرة للقلق، مشدداً على ان «على الأطراف الحؤول دون تصعيد يعرقل جهود السلام». الى ذلك، حذرت الجامعة العربية من اندلاع «انتفاضة جديدة» في ضوء المواجهات الحالية بين قوات الاحتلال والمواطنين الفلسطينيين في مدينة القدسالمحتلة، على خلفية قيام إسرائيل ببناء «كنيس الخراب» قرب المسجد الأقصى. ورأى الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين في الجامعة السفير محمد صبيح في بيان أن «هذه المواجهات هي تعبير عن الغضب الفسطيني وبداية انتفاضة جديدة». وقال: «كنا نتوقع حدوث هذا وحذرنا إسرائيل من السياسة العمياء التي تقوم بها من أجل تهويد القدس... رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو أعلن صراحة أنه خلال ستة أشهر لن تجدوا القدسالشرقية، ثم قال إن القدس ليست مستوطنة بل هي أرض إسرائيلية». وتوقع «أن يمتد الانفجار الكبير الذي حدث في القدس لأكثر من مكان في الأراضي الفلسطينية والدول العربية»، مؤكداً أن «العالمين العربي والإسلامي في حال غليان تام، لأن إسرائيل ضربت بعرض الحائط كل الأعراف والقوانين والقرارات الدولية الخاصة بمدينة القدس». وأعرب عن اعتقاده أن «الأمور ستتفاقم في الأراضي المحتلة». إلى ذلك، دان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان اوغلو أمس الإجراءات الإسرائيلية وبناء «كنيس الخراب على أرض أوقاف إسلامية»، كما حذر المجتمع الدولي من «حرب دينية» تدفع باتجاهها الدولة العبرية. وقال في بيان إن الكنيس «تم بناؤه على أنقاض بناء عثماني يقع ضمن الأبنية الاسلامية بجوار المسجد العمري في منطقة حارة الشرف التي استولت عليها إسرائيل عام 1967». وأشار إلى أن إسرائيل قامت «بطرد أهل (هذه الحارة) الفلسطينيين، وبهدم غالبية بيوتهم وإقامة حي استيطاني على أنقاضها اطلقت عليه الحي اليهودي».