تستضيف المملكة غداً الثلثاء وبعد غدٍ الأربعاء أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية، التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في العاصمة الرياض، بهدف تعميق مجالات التعاون السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، بين الجانبين. وسيعقد وزراء خارجية الدول المشاركة في القمة اجتماعاً بالرياض اليوم (الإثنين) لبحث نتائج الاجتماع التشاوري على مستوى المندوبين الدائمين في جامعة الدول العربية الذي عقد أخيراً في مقر الجامعة بالقاهرة برئاسة الإمارات وحضور الأمين العام للجامعة الدكتور نبيل العربي قبيل انعقاد القمة المقررة. وأوضح مدير إدارة الأميركيتين بالجامعة العربية السفير إبراهيم محيي الدين أمس أنه سيتم خلال القمة تبني مشروع إعلان الرياض الذي سيصدر عن القمة في دورتها الرابعة، إضافة إلى بيان ختامي يتضمن ملخصاً لأهم القضايا المعروضة على جدول الأعمال. وأضاف – بحسب وكالة الأنباء السعودية - أن مشروع جدول أعمال القمة يتضمن عدداً من القضايا السياسية التي تهم الجانبين، وفي مقدمها القضية الفلسطينية إلى جانب تطورات الأوضاع في سورية، واليمن، وليبيا، وهي القضايا التي يركز عليها الجانب العربي، إلى جانب القضايا التي تهم الجانب الأميركي الجنوبي، ومنها قضية جزر المالفينوس المتنازع عليها بين الأرجنتين وبريطانيا، إضافة إلى علاقة هذه الدول بالمنظمات الدولية، وقضية الديون، ومناقشة العديد من قضايا التعاون في المجالات الاقتصادية، والتجارية، والثقافية. القمة الأولى: المملكة تشدد على ضرورة مكافحة الإرهاب وكانت القمة الأولى عقدت في العاصمة البرازيليةبرازيليا في ال10 من أيار (مايو) 2005 واستمرت يومين، وترأس وفد المملكة خلالها الأمير سعود الفيصل رحمه الله . وألقى كلمة المملكة خلال القمة الأمير سعود الفيصل – يرحمه الله – قائلاً: «إن تاريخ العلاقات بين العالم العربي ودول أميركا اللاتينية يعود إلى أكثر من 500 عام، حيث بدأ البحارة العرب توافدهم إلى هذا الجزء من العالم، وعلى امتداد القرن ال19 بلغت موجات الهجرة العربية إلى دول أميركا اللاتينية مستويات مرتفعة، حيث تمكنت الجاليات الفلسطينية واللبنانية والسورية بفضل تقبل الشعب البرازيلي ومجتمعات أميركا اللاتينية الأخرى للوافدين العرب وانصهارهم في هذه المجتمعات من لعب دور اقتصادي وسياسي مهم في هذه المجتمعات». وأكد رحمه الله أهمية معالجة القضايا التنموية والاجتماعية قائلاً: «مع كون المملكة نامية وذات حاجات مالية متزايدة، إلا أنها ساهمت في تمويل جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية، إذ بلغ جملة ما قدمته من مساعدات غير مستردة وقروض إنمائية ميسرة عبر القنوات الثنائية ومتعددة الأطراف خلال الثلاثة عقود الماضية حوالى 83 بليون دولار تمثل ما نسبته أربعة في المئة من المتوسط السنوي من إجمالي ناتجها المحلي في تلك الأعوام، بما يتجاوز هدف المساعدة الإنمائية الرسمية المحددة من قبل الأممالمتحدة، واستفادت 73 نامية في مختلف القارات ومنها قارة أميركا الجنوبية من تلك المساعدات». وأضاف الأمير سعود الفيصل رحمه الله: «لقد أكدت المملكة في جميع المحافل على أن ظاهرة الإرهاب تعد من أخطر الظواهر التي تعرض لها المجتمع الدولي، ولمحاربة هذه الظاهرة التي لا ترتبط بدين ولا وطن ولا جنسية بادرت المملكة إلى الدعوة لعقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض خلال شهر شباط (فبراير) 2005، وصدر عنه العديد من التوصيات المهمة من الأجهزة المختصة وخبراء متمرسين في أعمال مكافحة الإرهاب المشاركة في المؤتمر، ومن أبرزها مقترح خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله عندما كان ولياً للعهد لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وصدر التقرير النهائي المتضمن هذه التوصيات، التي نأمل بأن تجد طريقها إلى التنفيذ وأن تقوم الأممالمتحدة بتبنيها ورعايتها. وأوضح أن ثقافة وتراث وحضارة مجتمع من المجتمعات هي المدخل الرئيس لفهم طبيعة ذلك المجتمع، وبرزت الثقافة كعنصر فعال وجسر للتواصل بين الشعوب، وعليه فإن الحاجة تدعو إلى تعزيز التعاون الثقافي، وذلك من طريق تبادل البعثات الدراسية في شتى العلوم والمعارف والتعاون في مجال التدريب والتقنية بين الطرفين، وتكثيف تبادل البرامج الثقافية والتفاعل بين المثقفين مع التأكيد على أهمية التنوع الثقافي لبلداننا بما له من فوائد جمة. القمة الثانية: إعلان التعاون التجاري بين دول الخليج وأميركا الجنوبية ترأس وفد المملكة خلال القمة الثانية في العاصمة القطرية الدوحة في ال31 من آذار (مارس) 2009 خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله. وتم في هذه القمة التوقيع على إعلان مشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، ودول المجموعة التجارية في أميركا اللاتينية (الميركوسور) بشأن استكمال مفاوضات التجارة الحرة. وأكد الجانبان في بيانهما أن «التعاون الاقتصادي بين المجموعتين لن يقتصر على تعزيز فرص التجارة والاستثمار بينهما فحسب، بل سينعكس إيجاباً على العلاقات بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في جميع المجالات». كما عبرا عن «رضاهما المشترك عن النمو المتسارع في التبادل التجاري بينهما منذ توقيع اتفاق التعاون الاقتصادي في 2005، وزيادة الاستثمارات المتبادلة والشراكات التجارية بين القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي ودول مجموعة الميركوسور (البرازيلوالأرجنتين وبراغواي وأوروغواي). وأكدا في بيانهم «ضرورة العمل على إيجاد حلول للمواضيع التي ما زالت محل بحث في مفاوضات التجارة الحرة بينهما»، واتفق الجانبان على «حث الجهات المختصة لديهما بتكثيف الجهود بهدف الإسراع في استكمال المفاوضات وتوقيع اتفاق منطقة التجارة الحرة في أقرب وقت ممكن». وأكدت القمة الثانية في ختام أعمالها الحاجة إلى «تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في منطقة الشرق الأوسط على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام وفقاً للقرارات الدولية ذات الصلة». كما أكدت «أهمية الأمن والاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط، الذي يتطلب إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى أهمية التعاون الإقليمي والدولي لتعزيز مكافحة الإرهاب الدولي ومكافحة المخدرات». ودان بيان القمة الإرهاب بأشكاله ومظاهره كافة، رافضاً ربط الإرهاب بشعب أو دين أو عرق أو ثقافة معينة والتشديد على ضرورة التصدي لها. وفي مجال التعاون الثقافي بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية عبر البيان عن ارتياحه للإجراءات التي اتخذت في هذا المجال، التي تم وضع الخطوط العريضة المشتركة للسياسات والأولويات من أجل التعاون الثقافي. وتناول البيان الختامي للقمة في مجال حوار الحضارات الحاجة إلى احترام التنوع الثقافي والديني والحضاري الذي يميز التراث البشري المشترك، والتشديد على أن حرية المعتقد تشكل أحد الحقوق الأساسية للشعوب. وفي مجال البيئة أكد البيان الهدف المشترك الذي يقوم به الإقليمان بالمحافظة على البيئة وتحقيق تنمية مستدامة، والموافقة على تعزيز التعاون في النهوض بالمعرفة والتقنيات في مجال مكافحة التصحر والجفاف. القمة الثالثة: إدانة انتهاكات حقوق الإنسان في سورية عقدت القمة الثالثة للدول العربية ودول أميركا الجنوبية في مدينة ليما بالبيرو في الفترة من 1 إلى 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2012، وترأس وفد المملكة للقمة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار مدني. وصدر عن قادة الدول المشاركة في ختام أعمال القمة إعلان ليما الذي أكد ضرورة التوصل لسلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، والقرارات الأخرى ذات الصلة لمجلس الأمن 242 و 338، وإطار مدريد ومبادرة السلام العربية. واتفق قادة الجانبين على «أهمية التنفيذ الكامل لخريطة طريق الرباعية الدولية للسلام والحاجة إلى إعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها حقه في تقرير المصير وحق العودة، وتنفيذ قرارات الأممالمتحدة، خصوصاً قرار مجلس الأمن 1515، والوصول إلى حل لإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود 67 عاصمتها القدسالشرقية، تعيش جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل في ظل حدود آمنة معترف بها». وطالب إعلان ليما إسرائيل بالانسحاب فوراً من الأراضي العربية المحتلة عام 67، بما فيها الجولان السوري والأراضي اللبنانية وإزالة المستوطنات ووقف الاستيطان. وأكد قادة الدول العربية ودول أميركا الجنوبية الالتزام بسيادة سورية، واستقلالها ووحدة أراضيها، والتقيد بحل سلمي للصراع على الأرض السورية. ودانوا أعمال العنف ضد المدنيين العزل وانتهاكات حقوق الإنسان في سورية، مشددين على مسؤولية الحكومة السورية والحاجة إلى إنهاء العنف بأشكاله كافة، مؤكدين رفض التدخل الأجنبي والحاجة لتلبية متطلبات الشعب السوري في الحرية والديموقراطية والإصلاح السياسي، وأهمية مواصلة المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للشعب السوري. ورحب إعلان ليما الذي صدر في 33 ورقة بتوقيع اتفاق التجارة الحرة بين مصر وتجمع الميركسور، وبين فلسطين وميركسور، إضافة إلى توسيع العلاقات الدبلوماسية بين الدول العربية والجنوب أميركية في ضوء مبادئ (الأسبا). وطالب الإعلان بإقامة مناطق منزوعة السلاح النووي في أي مكان، خصوصاً في المناطق التي بها ترسانات نووية من دون مساس بحق الدول في الطاقة النووية للأغراض السلمية، مؤكدين أهمية الوصول لعالمية معاهدة منع الانتشار النووي، وأهمية التعاون بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في المحافل الدولية المعنية بنزع السلاح النووي.