أياً كان الفائز في الانتخابات العراقية، فإن العراق سيكون الخاسر الأكبر، في ظل وجود مرشح خاسر وشكوك في نزاهة العملية الانتخابية، وهي شكوك أقرب إلى الحقيقة على رغم عدم ظهور النتائج بشكل رسمي النتائج الجزئية التي ظهرت حتى الآن تشير إلى خروقات. رئيس لجنة البرلمان الأوروبي للعلاقات مع العراق ستراون ستيفنسون اتهم مفوضية الانتخابات العراقية بالتلاعب بنتائج الانتخابات لمصلحة قائمة نوري المالكي، وقال: «بلغني أن مسؤولين رفيعي المستوى في اللجنة الانتخابية العراقية (المفوضية) ضُبطوا بالجرم المشهود وهم يحاولون التلاعب بنتيجة الانتخابات لمصلحة رئيس الوزراء نوري المالكي من طريق إدخال بيانات خاطئة»، ولفت إلى أنه أبلغ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بذلك.منظمة المركز الرقابي لشفافية الانتخابات هي الأخرى كشفت عن خروقات، وأشارت إلى أن السبب في تأجيل إعلان النتائج يعود إلى الكشف عن عملية تزوير كبيرة قامت بها رئيسة دائرة الانتخابات في مفوضية الانتخابات حمدية الحسيني وعدد من زملائها لمصلحة قائمة نوري المالكي.سبقت الانتخابات العراقية عمليات اغتيالات جسدية وأخرى سياسية (صالح المطلك نموذجاً) وتخويف وابتزاز وتخوين واتهامات واتهامات مضادة وتركيب «فزاعات بعثية» وأخرى «قاعدية». هذا ليس كل شيء، بل إن مرشحاً في محافظة ديالى قدّم للناخبين رشى عبارة عن دجاج مجلد (مجمد)، والمؤكد أنه ليس من ماركة (دو) الفرنسية، بل ربما يكون الدجاج من إنتاج إحدى الشركات التي يمتلكها الحرس الثوري الإيراني المتمركز – تحت نظر الأميركيين – في مركز محافظة ديالى.انتخابات 2010 تختلف اختلافاً جذرياً عن سابقتها، الانتخابات السابقة التي جرت عام 2005 جاءت تحت وطأة المفخخات ورائحة الموت وشلالات الدم العراقي المسفوك بأيدٍ آثمة بعضها مؤجّر، إضافة إلى أنها جاءت تحت الانبهار العراقي بالديموقراطية الزائفة التي سوّق لها مؤيدو الاحتلال وأزلامه. انتخابات العام الحالي تأتي في ظل وضوح الصورة لدى المواطن العراقي الذي لم يعد يؤمن بوعود الكتل السياسية ناهيك عن قادتها. المواطن عام 2005 كان يريد الخلاص وأحسن الظن بالمرشحين، لكنه في 2010 عرف – تحت وطأة الجوع والفقر ونقص الخدمات – أن نوابه شيّدوا القصور والمباني الخاصة بهم في دمشق وعمان والقاهرة ولندن وغيرها من العواصم، فيما لا يزال المواطن الذي أعطاهم صوته يبحث عن الدواء ولا يجده، ليس هذا فحسب، بل إن أولاده تسربوا من المدارس للبحث عن عمل يساعدون بعائده أسرتهم.إذا كان هذا هو المشهد في العراق، فإني أرى أن الحرب الأهلية التي تفاداها العراقيون بمتانة نسيجهم الوطني، آتية لا محالة، كما أرى أيضاً أن من حق الكتل السياسية الخاسرة أن تنحاز للمقاومة الوطنية العراقية، وإن لم يكن إلى الجناح المقاتل، فعلى الأقل إلى الجناح السياسي للمقاومة، وألا تأخذ هذه الكتل تصريح رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري حول ضرورة إعطاء منصب رئيس الجمهورية للعرب السنة على محمل الجد، فهو (التصريح) ليس إلا محاولة ل«تنفيس» الاحتقان السني بعد أن هزمت المحاصصة والتزوير العرب السنة، خصوصاً بعدما أثبت العرب السنة أنهم ليسوا طائفيين ومنحت محافظاتهم أصواتها إلى قائمتي علاوي وجواد البولاني، وهما مرشحان شيعيان، سعياً إلى وحدة العراق والحيلولة دون تقسيمه ونزع مخالب إيران والحد من نفوذها في العراق.من حق علاوي والبولاني والمطلك والنجيفي أن ينحازوا للعراق، وهو هنا: المقاومة، إذا ما ثبت تزوير الانتخابات لمصلحة كيانات ظاهرها وطني وباطنها طائفي وتدار من ضباط الحرس الثوري الإيراني. من حق علاوي ورفاقه أن يتحالفوا مع الشيطان، بما أن الطرف الآخر تحالف مع «عدو الشيطان الأكبر»، ليوقفوا المشاريع التي تحاك ضد وطنهم ومواطنيهم. من حق صالح المطلك أن يحمل السلاح إذا ما أصرّ الآخرون على تقديمه إلى المحاكمة بسبب مواقفه الوطنية، خصوصاً أن الرجل انصاع للحكم القضائي ضده وابتعد عن الانتخابات ولم يترشح، أما أن تصل إلى السجن، فمن حق الرجل الدفاع عن نفسه.