سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى محاولة الاستفادة من الفوز الباهر الذي حققه حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات النيابية المبكرة التي نُظمت الأحد، اذ أحيا مسألة صوغ دستور جديد يتيح نظاماً رئاسياً، وتعهد مواصلة القتال ضد مسلحي «حزب العمال الكردستاني» حتى إلقاء سلاحهم. وقُتل 18 شخصاً خلال اشتباكات بين القوات التركية و «الكردستاني» في جنوب شرقي تركيا، فيما اعتقلت الشرطة تسعة أفراد يُشتبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش» وتخطيطهم لهجمات انتحارية في أنقرة وإسطنبول. وأعلن أردوغان أن «لا مهادنة» في العمليات ضد «الكردستاني»، وأضاف: «سنواصل القتال إلى حين إلقاء التنظيم الإرهابي سلاحه وتصفية جميع أفراده، باستسلامهم أو مغادرتهم تركيا». وأشار إلى أنه ناقش «باقتضاب» مع رئيس الوزراء احمد داود أوغلو خلال لقاء مفاجئ الثلثاء، مسألة «أن تبدأ الأحزاب السياسية العمل بجدية (لصوغ دستور جديد)، عندما يُفتتح البرلمان (الجديد) رسمياً». ولفت إلى أن الأخير أبلغه أنه «سيبحث في الأمر مع زعماء الأحزاب المعارضة». وأشار إلى أن «تسوية مسألة صوغ دستور جديد كانت واحدة من أهم رسائل الانتخابات»، مؤكداً أنه سيدعو إلى استفتاء شعبي في هذا الصدد، إذا فشلت المفاوضات بين الأحزاب في البرلمان. تصريح أردوغان جاء بعد ساعات على قول الناطق باسمه إبراهيم كالن: «إذا كان واجباً أن يمرّ تحويل النظام رئاسياً عبر استفتاء شعبي، فسيُنظَّم». واستدرك أن تعديل الدستور ليس لمصلحة الرئيس التركي، وزاد: «إنه قائد قوي دستورياً، ودخل التاريخ. ليست لديه توقعات على الصعيد الشخصي». وكان الناخبون رفضوا النظام الرئاسي والاستفتاء عليه خلال انتخابات حزيران (يونيو) الماضي، كما أعلن داود أوغلو قبل اقتراع الأحد الماضي، أن الأمر لم يعد مطروحاً، بعدما رفضه الشعب. «حزب الشعب الجمهوري» المعارض الذي عرض التعاون مع الحكومة من أجل صوغ دستور جديد، كان اشترط الامتناع عن طرح مشروع النظام الرئاسي مجدداً، معتبراً أن الإصرار عليه «سينسف أي تعاون بين الحكومة والمعارضة في البرلمان، وسيؤشر إلى عدم جدية الحكومة في توجّهها إلى تعديل الدستور، اذ إنها بذلك تضع العصي في الدواليب منذ اليوم الأول». وأوردت وسائل إعلام أن أردوغان طرح على الأكراد مجدداً معادلة استئناف مفاوضات السلام ووقف القتال مع «الكردستاني»، في مقابل دعمهم مشروع النظام الرئاسي. ويحتاج الرئيس التركي إلى 17 صوتاً على الأقل من المعارضة، تُضاف إلى أصوات نواب حزب «العدالة والتنمية» في البرلمان، من أجل انتزاع مشروعية لطرح قانون النظام الرئاسي على استفتاء شعبي. ويبدو واضحاً أن الأمل معقود على النواب الأكراد، وسط رفضٍ قاطع من حزبَي «الشعب الجمهوري» و»الحركة القومية». ويعتبر نواب من الحزب الحاكم أن النظام الرئاسي هو الوسيلة المثلى لتسوية القضية الكردية، لكن معارضين ينبّهون إلى أن سلوك أردوغان يشي بأنه سيسيء استخدام صلاحياته الرئاسية «المعززة»، في شكل يحوّل تركيا دولة شبه ديكتاتورية.