في وقت تنتظر فيه جماهير الهلال السعودي والأهلي الإماراتي النتيجة الأخيرة لاحتجاج الفريق السعودي والتي ستُحدد الطرف الثاني في نهائي دوري أبطال آسيا، أكد المحاميان والمختصان في النزاعات الرياضية أمام «فيفا» علي عباس ومحمد الركباني أن النزاهة تستوجب قبول احتجاج الهلال، الذي مرّ بمرحلتين لاقى على إثرها الرفض من «الانضباط» و«الاستئناف» في الاتحاد الآسيوي ليصل أخيراً إلى «محكمة كاس»، التي تتأهب لإصدار القرار الذي ستُغلق بعده القضية بشكل كامل، وجاء في دراسة قانونية أجراها المحاميان: في الثبات الإجرائي بداية وتصحيحاً لبعض ما رُوّج من عدم اختصاص «كاس» بالنظر في الطعن المقدم من نادي الهلال السعودي فإن الثابت إجرائياً أن القرارات الصادرة عن لجنة الاستئناف بالاتحاد الآسيوي تقبل الطعن أمام الغرفة الاستئنافية بالمحكمة الرياضية الدولية طبق الفصل 65 من لوائح الاتحاد الآسيوي والفصل 67 من لوائح «فيفا»، وهي مسألة يقينية لا تحتمل التأويل أو الاختلاف، لذلك فمن اليقين أنه إذا استوفى نادي الهلال جميع موجبات طعنه فإنه سيكون مقبولاً من الناحية الشكلية وستقبل المحكمة الرياضية البت في أصل النزاع. أما من ناحية سرعة تحديد موعد جلسة للنظر في الملف، فإن هذا يعود إلى الخيار الذي كان ممنوحاً ل«كاس» بين استعجال النظر في الملف قبل مباراة الدور النهائي المقررة في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) أو اتخاذ إجراء تحفظي بتأجيل مباراة الدور النهائي، وهو خيار صعب باعتبار التزامات الأندية والاتحاد الآسيوي اتجاه المستشهرين وناقلي المباراة من وسائل الإعلام، إضافة إلى ضغط الروزنامة وهو ما برّر اتخاذ «كاس» قرار النظر استعجالياً في الملف. في الجدل الموضوعي ما يسمى بقضية أسامة السعيدي طُرحت إشكالات قانونية مهمة جعلت كلاً من الهلال السعودي والأهلي الإماراتي أسانيد قانونية تدافع عن موقفه. فبالرجوع لوقائع القضية تولى أهلي دبي انتداب اللاعب أسامة السعيدي في إطار حصته من اللاعبين الأجانب الذين لهم الحق في المشاركة في المسابقات المحلية والخارجية، وشارك اللاعب بهذا العنوان فعلياً في المسابقات المحلية والآسيوية، ثم قام أهلي دبي بتاريخ لاحق عن إيداع القائمة الآسيوية بانتداب اللاعب موسى سو في إطار الانتداب الاستثنائي والاضافي المرخص فيه طبق لوائح الاتحاد الإماراتي، الذي يشترط أن يكون الانتداب الإضافي مقتصراً فقط على المشاركة في المسابقات الآسيوية لا غير، وهو ما يعني أن اللاعب سو لا يمكن أن يكون مؤهلاً إلا للمشاركات الخارجية من دون المحلية. ولسبب يرجع إلى إدارة أهلي دبي وقع تغيير اللاعب السعيدي باللاعب موسى ضمن القائمة المؤهلة للمشاركة بالدوري المحلي، وأضحى السعيدي تبعاً لهذا التحويل لاعب مشاركات آسيوية فقط. وهو ما يجعل من المشروع التساؤل عن مدى قانونية هذا التغيير خصوصاً إذا ما علمنا أن وضعية اللاعبين تختلف اختلافاً جوهرياً سواءً من حيث فترة الانتداب أم طبيعة التأهيل. فهل هذا التغيير قانوني؟ الأكيد أن التغيير الذي حصل في وضعية اللاعبين غير قانوني، إذ إن اللاعب موسى سو اُنتدب استثنائياً خارج العدد القانوني للاعبين الأجانب، وبالتالي وبحسب لوائح الاتحاد الإماراتي فلا يمكنه المشاركة إلا في المسابقات الخارجية، فكيف يمكن له أن يصبح مؤهلاً للمشاركة المحلية بمجرد تغيير المراكز بينه و بين اللاعب السعيدي؟ ومن باب الجدل القانوني فالمفروض أن يكون التغيير (على فرض إمكانيته الإجرائية) يهم لاعبين لهما المركز القانوني نفسه والوضعية التأهيلية نفسها، وهو غير المتوفر في وضعية الحال. ومن الغريب أن يقبل الاتحاد الإماراتي هذا التغيير الذي فيه مسّ بلوائحه، وهو ما يطرح تساؤلات عدة حول طريقة تعامل الاتحادات المحلية مع الفرق المتنفذة، وبناءً على ما سبق شرحه فإنه يمكن للفرق الإماراتية مثلاً أن تقدم احتجاجات حول مشاركة اللاعب موسى سو في المقابلات المحلية. ويبقى السؤال المفصلي والجدلي هو: ما هو الجزاء القانوني المترتب على تغيير قائمة اللاعبين على فرض مخالفته للقانون؟ الأكيد أن الإجابة عن هذا السؤال ستكون المهمة الأساسية لمحكمة لوزان، التي ستتبنى أحد الموقفين التاليين: الصورة الأولى: إذا ما اعتبرت محكمة «كاس» أن التغيير الذي حصل على قائمة اللاعبين واستبدال لاعب أجنبي له امتياز المشاركة بالمسابقات المحلية والخارجية بلاعب أجنبي إضافي لا يمكنه المشاركة إلا على المستوى الخارجي من الخطأ البيّن والفادح لمخالفته للوائح الاتحاد الإماراتي ولمبدأ تكافؤ الفرص بين الفرق وللشفافية والنزاهة، فإن «كاس» ستُرتب جزاء إسقاط تأهيل اللاعب أسامة السعيدي باعتباره المشمول بالطعن لوحده من دون اللاعب موسى سو، مما يترتب عليه خسارة فريق أهلي دبي جزائياً ومرور الهلال إلى النهائي. الصورة الثانية: على غرار ما ذهب إليه الاتحاد الآسيوي عبر لجانه القضائية، فيمكن أن تعتبر «كاس» أن اللاعب أسامة السعيدي أُهّل بصفة قانونية عند إيداع القائمة الاسمية لدى الاتحاد الآسيوي بتاريخ 25 تموز (يوليو) وبقي مؤهلاً على المستوى الخارجي باعتبار أن تغييره من القائمة يؤثر فقط على مشاركته المحلية من دون الخارجية، التي تبقى مكفولة لجميع اللاعبين الأجانب في أهلي دبي. والأكيد أن الاتحاد الإماراتي الذي وضع ثقله في القضية باعتباره مسهماً ولو على حسن نية في ما آلت إليه القضية، سيسعى إلى أن يبيّن للمحكمة ولو بطريقة غير مباشرة عدم ترتيب لوائحه لبطلان التأهيل في صورة المخالفة المذكورة. وفي هذه الصورة يمكن ل«كاس» أن تعتمد على معيار الاستحقاق الرياضي وإقرار النتيجة الحاصلة على الميدان، إذا رأت أن أسانيد كلا الطرفين متساوية من حيث الحجية، وبكل موضوعية فإن كلا الموقفين مؤسسين على مبنى قانوني ولو أن الإخلال بمبدأ النزاهة يقتضي ضرورة قبول احتجاج الهلال من الناحية الموضوعية.