أبلغ الرئيس محمود عباس الادارة الاميركية ان التفاوض «صعب جداً» في ظل الاستيطان، وهو موقف كررته مصر على مسامع المبعوث الاميركي لعملية السلام جورج ميتشل، في وقت اعلنت واشنطن عدم وجود «أي مؤشر» الى انسحاب الفلسطينيين من المفاوضات. في حين ابلغت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون رئيس الوزراء الاسراذيلي بنيامين نتانياهو، في مكالمة هاتفية بينهما امس، ان قرار بناء وحدات استيطانية جديدة في القدسالشرقية يشكل «خطوة سلبية جداً» بالنسبة الى العلاقات بين الجانبين الاميركي والاسرائيلي. ورغم انباء عن صدور تعليمات جديدة الى البلدية الاسرائيلية للقدس تقضي بعدم تناول خطط جديدة للبناء الاستيطاني حتى إشعار آخر، غير ان أزمة الاستيطان مرشحة للتصعيد مجدداً خلال مؤتمر حزب «ليكود» الخميس المقبل، خصوصاً اذا تم التوصل الى «صفقة» مع «المتمردين» تقضي بأن يعلن نتانياهو استئناف البناء غداة انتهاء فترة التعليق التي حددت بعشرة شهور. في هذه الاثناء، انعكست الأزمة السياسية على الاجراءات التي فرضتها السلطات الاسرائيلية على الارض تحسباً لتصاعد العنف، اذ اعلنت اغلاقاً كاملا للضفة الغربية لمدة 48 ساعة، كما نشرت تعزيزات امنية مكثفة في القدسالمحتلة تحسباً لوقوع صدامات بعد صلاة الجمعة في المسجد الاقصى المبارك. رغم ذلك، وقعت صدامات متفرقة بعد الصلاة في حيي راس العامود ووادي الجوز، واعتقلت الشرطة اربعة شبان رشقوا افرادها بالحجارة. كما نظمت حركة «حماس» في غزة امس تظاهرة «لنصرة المقدسات» الاسلامية. وفي تفاصيل الموقف من استئناف المفاوضات، اعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة «فرانس برس» امس ان «الاميركيين على علم بأن الرئيس يعتبر ان من الصعب جداً التوجه الى مفاوضات مباشرة او غير مباشرة من دون وقف تام للاستيطان، خصوصا الغاء قرار بناء 1600 مسكن استيطاني في القدسالشرقية». واضاف ان «عباس ينتظر رداً اميركياً في شأن ما طلبه من الغاء القرار الاسرائيلي بالبناء في القدس... ونحن ننتظر عودة ميتشل الى المنطقة حاملاً معه الاجابة». وكان مسؤول فلسطيني صرح للوكالة بأن «عباس تلقى اتصالا هاتفيا ليل (الخميس - الجمعة) في تونس من ميتشل» الذي «اقترح ان تبدأ المفاوضات غير المباشرة بناء على توضيح نتانياهو واعتذاره (عن التوقيت غير المناسب لاعلان قرار البناء)... لكن عباس طالبه بضمانات اميركية بألا تقوم الحكومة الاسرائيلية بأي عمليات بناء مقبلة». واكد وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط لميتشل ان «مصر لا ترى في الوقت الحالي اي امكانية للتحرك الى امام في العملية السياسية الا بإعلان اسرائيل التجميد الكامل لخططها الاستيطانية، وتعهدها بذلك بشكل واضح»، مشددا على ان مصر تساند الموقف الفلسطيني. وتشهد القاهرة هذا الاسبوع نشاطاً ديبلوماسياً مكثفاً في اطار الجهود المصرية لمواجهة الاجراءات الاستيطانية، اذ يصل ميتشل الى مصر الاسبوع الجاري، كما تزورها مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون. واجرى ابو الغيط اتصالات مع وزراء خارجية عرب والامين العام للجامعة العربية عمرو موسى للاتفاق على الخطوات المقبلة، كما بعث برسائل شفوية الى اعضاء اللجنة الرباعية الدولية، مطالباً بالتدخل السريع لتجميد القرارات الاسرائيلية فورا. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي اكد انه لا علم للادارة بانسحاب الفلسطينيين من المفاوضات، مضيفاً: «على حد علمي، فان الفلسطينيين لم يبلغوا المسؤولين الاميركيين بانسحاب من المفاوضات غير المباشرة». ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن نتانياهو اعتقاده بان المفاوضات ستبدأ الاسبوع المقبل كما هو مخطط لها على الرغم من الازمة. واضافت ان تعليمات صدرت الى «لجنة التخطيط والبناء» في البلدية الاسرائيلية للقدس تقضي بعدم تناول خطط جديدة للبناء الاستيطاني «وراء الخط الاخضر» حتى إشعار آخر. لكن الصحيفة توقعت تصعيداً آخر في القدس الاسبوع المقبل مع تدشين الكنيس القديم في «الحي اليهودي»، خصوصاً بعد سماح الشرطة لغلاة المتطرفين من حركة «كهانا» بتنظيم مسيرة في قلب بلدة سلوان احتجاجاً على «البناء الفلسطيني غير المرخص». كما يتوقع ان تعود ازمة الاستيطان الى الواجهة مجدداً في ضوء الخلافات بين نتانياهو و«المتمردين» داخل حزبه «ليكود» الذين يتمسكون بالاستيطان. وافادت صحيفة «يديعوت احرونوت» انه يجري العمل على «صفقة» يعلن بموجبها نتانياهو خلال مؤتمر الحزب الخميس المقبل ان البناء في المستوطنات سيتواصل غداة انتهاء فترة التعليق (10 شهور)، في مقابل ان يمتنع «المتمردون» عن التصويت على قرار يطالب بوقف قرار تعليق البناء فوراً.