كشفت دراسة أميركية حديثة صادرة عن مستشفى «ماساشوسيتس العام»، أن نصف العمليات الجراحية التي تجرى في الولاياتالمتحدة تشتمل على أخطاء طبية، إما في الجراحة نفسها أو في الأدوية التي توصف للمرضى بعد العملية. وتقول الدراسة التي اثارت القلق أن ثلث الأخطاء أدى إلى مشاكل ضارة وسبب أذى كبيراً للمرضى. وركزت الدراسة على أكثر من 275 عملية جراحية أجريت في جامعة «هارفارد» التابعة لمستشفى «ماساتشوسيتس العام». وتعتبر هذه الدراسة موثوقة لأنها صادرة عن هذا المستشفى الذي يعتبر متقدماً وموضع ثقة في مجال سلامة المرضى في الولاياتالمتحدة. ولهذه الدراسة أهمية خاصة أيضاً كونها الأولى التي تقيس نسبة وقوع الأخطاء الدوائية والأحداث الضارة خلال فترة الجراحة وما بعدها. وراقب فريق البحث عمليات التخدير، واختار عشوائياً عمليات في 1046 سريراً للرعاية في مركز طبي أكاديمي لتحديد الأخطاء الدوائية والأخطاء الطبية العامة، على مدى ثمانية أشهر، من العامين 2013 و2014. وأظهرت نتائج الدراسة ما يلي: لوحظت الأخطاء الدوائية تقريباً في واحدة من كل عمليتين جراحيتين. وكانت الأخطاء الدوائية التي تحوي على مواد مخدرة ضارة الأكثر شيوعاً، وخصوصاً في العمليات التي استمرت أكثر من ست ساعات والتي يتخللها 13 أو أكثر من جرعات الدواء. وأظهرت الدراسة أيضاً أن أكثر من واحد من 20 (أي نسبة 5 في المئة) من جرعات الدواء في أثناء الجراحة وما بعدها، أدى إلى خطأ دوائي أو اعتبر مخدراً سلبياً مضراً. وتبين ان كيفية إعطاء الدواء في أكثر من 3600 عملية، سجلت 153 خطأ، وتسببت في 91 حالة بأضرار مخدرة. وتم استنتاج ذلك إما من طريق الملاحظة المباشرة أو من خلال مراجعة الرسم البياني للمرضى. وتقول الدراسة أن 80 في المئة من الأخطاء الدوائية التي تم تحديدها تم تجنبها. وأدى 33 في المئة من الأخطاء الطبية إلى حدوث إنعكاس سلبي مخدر على المرضى، في حين أن 66 في المئة من هذه الاخطاء تسبب في أضرار متفاوتة بين المرضى. وقالت الدراسة أن جميع الأخطاء، سواء الدوائية أو تلك التي سببتها العمليات الجراحية ونتج منها أضرار للمرضى، تسببت باضرار جدية في 64 في المئة من الحالات، وباضرار كبيرة في 33 في المئة من الحالات، وأعتبرت مهددة للحياة في أقل من 2 في المئة. وقالت الدكتورة كارين نانجي، رئيسة قسم التخدير في مستشفى «ماساشوستس العام»، والمؤلف الرئيس للدراسة، إن «الرقم لم يكن مفاجئاً بالنسبة لنا. فقط كنا نريد أن نقف على حقيقته بالضبط لنبدأ سلسلة من الإجراءات لتقليل حجم الأخطار الصحية التي يتعرض لها المريض وقد تؤدي إلى الوفاة نتيجة هذه الأخطاء الطبية». وأضافت: «معظم الأطباء الذين تحدثت معهم بعد نشر الدراسة، لم يتفاجأوا بالنتائج. في الواقع، علق العديد منهم أنهم يظنون أن العدد الفعلي للأخطاء التي تحدث أثناء العمليات الجراحية ربما كان أعلى من ذلك بكثير». وتابعت: «الجانب المثير للقلق هو أن هذه الأخطاء صنفت في معظمها بأنها أخطاء يمكن الوقاية منها. فلماذا لا يتم تجنبها؟ التكنولوجيا الطبية موجودة بالفعل، وتساعد على خفض كبير في هذه الأنواع من الأخطاء التي تهدد الحياة، ولكن مستشفيات عدة لا تتخذ الخطوات اللازمة لمعالجة هذه المشكلة». وتشير الدراسات الحديثة إلى أن حوالى 400 ألف شخص يموتون سنوياً بسبب الأخطاء الطبية التي يمكن الوقاية منها، والتي تشمل الأخطاء الدوائية، وعدوى المستشفيات المكتسبة. وهذا يجعل من الأخطاء الطبية السبب الرئيس الثالث للوفاة في أميركا بعد أمراض القلب التي تأتي في مقدم الأسباب، ويليها السرطان. وإضافة إلى ذلك، بيّنت دراسة لمعهد «آي أو أم» الطبي في العام 2011، أن «الرعاية الصحية الجيدة والمدروسة تخفض التكاليف وتحسن النتائج». وأشارت الدراسة إلى أن من بين 2.5 تريليون دولار من الأموال التي أنفقت على تكاليف الرعاية الصحية في الولاياتالمتحدة في العام 2009، منها 765 بليون دولار (30 في المئة)، صرفت على العلاج من الأخطاء الطبية.