كشفت دراسة علمية حديثة عن انتشار عدد من السلوكيات الصحيّة الخاطئة بين فئة المراهقين في بعض مدارس المملكة، تشكل تهديداً حقيقياً لحياتهم، قد تؤدي إلى الوفاة إن لم تتم رعايتهم صحياً واجتماعياً في هذه المرحلة العمرية التي يمرون فيها بتغيرات جسدية، ونفسية، واجتماعية، وسلوكية، وعاطفية مختلفة تؤثر في تكوين شخصياتهم. وبينت الدراسة التي اطلعت على نتائجها «واس» أن السلوكيات المختلفة المهددة لصحة المراهقين في المملكة تمثلت في: سوء نظام التغذية الذي أدى إلى زيادة أوزانهم بنسبة 30 في المئة، إضافة إلى عدم اتخاذهم تدابير السلامة، وتعاطي 16 في المئة منهم السيجارة، وتنامي ظاهرة التنمّر أو الاستقواء (Bullying) بينهم المعروف بالسلوك العدائي. وأظهرت الدراسة ضعف النظام الغذائي المتبع لفئة المراهقين المستطلعين في البحث، وإفراطهم في تناول المشروبات الغازية، ومشروبات الطاقة، وقلة تناولهم الفاكهة والخضراوات، ونجم عن ذلك انتشار ظاهرة زيادة الوزن بينهم بنسبة 30 في المئة، ونقص فيتامين (D) لدى 95.6 في المئة منهم. وكشفت الدراسة عن جانب سلوكي آخر للمراهقين وهو أن 13.8 في المئة منهم يلتزمون دائماً بربط حزام الأمان أثناء جلوسهم في المركبة، بينما 17.9 في المئة يقومون بأخذ المركبة من دون إذن آبائهم. وأظهرت الدراسة كذلك أن 20.8 في المئة من مراهقي المملكة تعرضوا للعنف الجسدي في مدارسهم، و25 في المئة تعرضوا للتنمر، و16.2 في المئة دخنوا السيجارة من الذكور والإناث، و10.5 في المئة جميعاً دخنوا الشيشة، و16.2 في المئة استنشقوا مواد طيّارة مثل: الصمغ، أو البنزين، وغير ذلك من المواد من أجل وهم الحصول على المتعة، واتضح أن 24 في المئة من المراهقين واجهوا صعوبة بالحصول على رعاية صحية عندما كانوا بحاجة لها. وأجرى الدراسة فريق طبي بقيادة رئيسة برنامج أبحاث طب المراهقين في مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية في الرياض الدكتورة فادية بنت صالح البحيران، وتعتبر الأولى من نوعها على مستوى المملكة والمنطقة العربية بمسمى «جيلنا»، وبلغت عينتها أكثر من 12 ألف مراهق ومراهقة من جميع مناطق المملكة يدرسون في المرحلتين المتوسطة والثانوية. وغطت الدراسة أسئلة شملت 12 نطاقاً صحياً، منها ما يتعلق بالعائلة، والوضع الدراسي، ونظام التغذية، وسلامة الطريق، والتدخين، والتنمر، والأمراض النفسية، إضافة إلى الخدمات الصحية المتوافرة، ووفرت عينات الدم والقياسات الإكلينيكية معلومات عن بعض المشكلات الصحية والأمراض المزمنة والبدانة وما إلى ذلك. وأوضحت الدكتورة فادية البحيران في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، أن الاعتقاد السائد بأن فئة المراهقة السنية وتحديداً الفترة العمرية بين الطفولة والرشد الواقعة بين سن العاشرة وال19 عاماً تتمتع بصحة جيدة ومستقرة غير صحيح، مبينة أن الدراسات السابقة أفادت أن 70 في المئة من الوفيات المبكرة للبالغين وقعت نتيجة سلوكيات خاطئة بدأت أثناء فترة المراهقة، مثل: التدخين، والسمنة، واتباع نظام غذائي غير صحي. وأكدت أن إدراج رعاية المراهقين الصحية تحت مظلة رعاية البالغين كما هو شائع في الوطن العربي من الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم التمكن من الفهم التام لما قد يمر به المراهق، وهو ما أدى إلى التفكير في إنشاء عيادات متخصصة لرعاية صحة المراهقين ودرس حاجاتهم. ... «الحرس الوطني» تخصهم بعيادة طبية! لفتت الباحثة فادية البحيران إلى أن المملكة أنشأت عيادة متخصصة للرعاية الصحية للمراهقين عام 2008 في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالشؤون الصحية لوزارة الحرس الوطني في الرياض، تعتبر الأولى من نوعها في الوطن العربي، إذ تهتم هذه العيادة بكل ما يتعلق بصحة المراهق الجسدية والنفسية والاجتماعية، وهذه الرعاية الصحية تحتاج بصورة مستمرة إلى أحدث المعلومات الصحية والطبية الناتجة من الأبحاث الصحية المتعلقة بهذه الفئة. وقالت الدكتورة البحيران: «إن مركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية قام بدراسة (جيلنا)، وهي دراسة مسحية وطنية لصحة المراهقين وسلوكياتهم الصحية في المملكة، خضعت بياناتها التي تم جمعها من هذه الدراسة لتحليل ومعالجة دقيقة، وعكست نتائجها التي تم الحصول عليها مؤشرات الصحة والوضع الصحي للمراهقين في المملكة». واعتبرت الصويغ أن «الدراسة تدل على الحاجة الماسة لوضع سياسات، وبرامج، وخدمات صحية خاصة بصحة المراهقين، والعمل على تعزيز وتحسين وضعهم الصحي لأنهم يشكلون ثلث المجتمع السعودي».