صنع اليد الاستبداد مرة أخرى في رواية مارغريت أتوود الخامسة عشرة. بلغت الكاتبة الكندية منتصف سبعيناتها، لكنها تبنّت التكنولوجيا الجديدة باكراً. نشرت «القلب يرحل أولاً» في أربع حلقات على منبر «بايلاينر» بين 2013 و2014 قبل أن توسّعها وتصدرها كتاباً نشرته في بريطانيا دار بلومزبري. تدور في حاضر الولاياتالمتحدة، وتهجس بالمواضيع نفسها في ثلاثية «مادادام»: الفساد، تدهور الاقتصاد والبيئة، الهندسة الاجتماعية والعصبية والعودة الى ثقافة الماضي. لا يصدّق ستان وشارمين الكابوس الذي يواجهانه فجأة. باتت سيارتهما مسكنهما بعدما فقد كلاهما وظيفته واستملك المصرف البيت. عملت الزوجة في دار رعاية للمسنّين، والزوج في معمل للإنسان الآلي، وكان عليه إظهاره متعاطفاً. يبيعان دمهما، يتناولان المأكولات السريعة، ويصدّان ليلاً هجمات اللصوص الطامعين بالقليل الذي بقي. معظم من يعرفونهم من الضحايا المماثلة لجأ الى الجريمة والدعارة بعد انهيار مصانع المدن شمال شرقي أميركا. تتمسّك شارمين بمزاج إيجابي، وإن اشتاقت الى السرير النظيف، طعام البيت، وحمام الماء الدافئ، لكن ستان الذي لا يخلو طبعه من اللؤم يشعر بأنه خذلها. يعتادان الجوع ويشهران حبّهما في وجه العالم، وحين يعتقدان أنهما وجدا منقذاً يرحّبان به بلا تردّد. ترى شارمين إعلاناً عن مشروع «بوزيترون» في بلدة كونسيليينس يضم بيوتاً مشرقة، نظيفة، سكانه سعداء يرتدون ملابس زاهية، وتقنع ستان، الذي يرى اسم المشروع «إيجابياً جدّاً»، بالانضمام اليه بسهولة. يعد المشروع بالعمالة التامة والحماية، ويهدف الى التغلّب على الانحطاط المدني، لكن الانخراط فيه نهائي لا تراجع عنه. يمجّد بوزيترون حقبة الخمسينات التي قال فيها معظم الناس إنهم سعداء، وازدهرت حياة الطبقة الوسطى المضروبة اليوم. تُبثّ أغاني دوريس داي، وتعرض أفلام إلفيس بريسلي. لكن الداخلين الى كونسيليينس يمارسون مهنة شهراً ويدخلون السجن الشهر التالي. تعمل شارمين في مخبز، ويصلح ستان دراجات السكوتر، وحين ينتقلان الى السجن آخر الشهر على دراجتيهما، يستخدم البيت الصغير زوجان آخران يدعوهما المشروع «بديلين» ويمنع التعارف بينهم. يشرف ستان في السجن على مزرعة الدجاج، وتحمل شارمين لقب الضابط الأعلى للأدوية، ولا يخشيان بقية المساجين لأن المسؤولين عن المشروع تدبّروا أمر المجرمين الخطرين. لا إنترنت مع العالم الخارجي، وكل الأنباء المتوافرة مراقبة، لكن الزوجين لا يهتمان في البداية بخسارة الحرية. يفرحان بالأمان والنظافة والقوت، ثم يكتشفان أن العيش المضبوط في بوزيترون نقلهما الى كابوس آخر. تُكلّف شارمين حقن الأفراد غير المرغوب فيهم بجرعات مميتة، ويُجبر ستان على السماح لرفاقه المساجين باستخدام الدجاج لأغراض جنسية. «ماذا يجعله ذلك؟ قوّاد دجاج. أفضل من الموت». بعد أشهر قليلة يشعر الزوجان أن أحدهما لم يعد يلائم الآخر، ويرغبان بالبديلين. تشترك شارمين في فيلم تبتكر فيه أساليب جنسية مع البديل، وينام ستان مع دمية مارلين مونرو ثم يفرّ الى مبنى إلفيس وينوي فضح المشروع. يُستدرجان الى الاشتراك في الاتجار بالأعضاء البشرية، صنع بشر آليين جنسيين، بيع دم الأطفال لمقاومة الشيخوخة وغسل الأدمغة. محبّو مارغريت أتوود يمدحون مرح النص وقدرته على جذب القارئ، وهي تنفر من المتنصّلين من بشاعات أيامنا، وتقول إن ما يحدث لنا صنعته أيدينا. كلمات الصباح كان جاسوساً، صحافياً، مدير دار نشر وتحوّل كاتباً يملك آلة كاتبة ذهبية. اشتراها بنحو مئة وسبعين دولاراً في أوائل الخمسينات، وكتب ممازحاً الى زوجته المهمَلة آن ليرى إن كانت حروفها من ذهب. كان أنهى للتوّ كتابه الأول عن جيمس بوند «كازينو رويال»، وأنهاه بعبارة: «القحباء ميتة الآن»، وحفّزه المبيع على كتابة ثلاث عشرة رواية أخرى عن الجاسوس وثلاثة أجزاء من كتاب الأطفال «شيتي- شيتي- بانغ- بانغ» في دزينة أعوام. باع مئة مليون نسخة، ودرّت حقوق الأفلام ثروة أخرى. في كتابه «الرجل ذو المطبعة الذهبية» الصادر عن «بلومزبري» يقول ابن شقيقه فرغَس فليمنغ إن عمّه قد يكون لجأ الى الكتابة ذعراً من زواجه القريب من عشيقته آن. يستند الكتاب الى رسائل فليمنغ الخاصة بجيمس بوند التي يقول في إحداها: «بعد أربعة وأربعين عاماً من العزوبة كنت على حافة الزواج، وأرعبني الاحتمال الى درجة احتجت معها بإلحاح الى نشاط ما يصرف ذهني عنه». كتب زاوية المجتمع في «ذا صانداي تايمز» التي منحته عطلة شهرين كل عام، فقصد منزله في جامايكا «غولدناي» ليلتزم نظاماً صارماً ويكتب ألفي كلمة صباحاً من روايات بوند. خدّره المال والنجاح فاستبدل «أنا» ب «مستر فليمنغ» في رسائله، وراوغ مصلحة الضرائب بالقول إن السيارة الرياضية الثمينة التي يقودها جزء من نفقات المهنة لأن بطله يستخدمها. ساوم دار النشر «جوناثان كيب» للحصول على أكبر مردود ممكن، وقال في ربيع 1953 إن هذا سيشتري كمية أسبوع واحد من الهليون لزوجته آن التي فرضت مكانتها الاحتفال بمناسبة تتويج الملكة. مالك الدار قرأ كتاباً واحداً لبوند، ورأى مدير التحرير «كازينو رويال» فانتازيا سادية تصدم بشدّة. منعت المكتبات العامة كتب بوند «الخلاعية»، وهاجمت افتتاحيات الصحف المبالغة في الجنس والعنف والترف فيها. في مراجعة لأحد كتب بوند قال الكاتب الأميركي ريموند تشاندلر إن فليمنغ يهدر موهبته، فردّ الأخير في رسالة أنه يصعب لمن له ذرّة من الذكاء أن يأخذ بوند جدياً، وأنه سيأخذ بنصيحة تشاندلر ويضفي مزيداً من العاطفة على كتبه. كان على علاقة متقطعة بليدي آن المتزوجة، وقال لشقيقها قبل الزواج إن «الصحون ستطير، وسيكون هناك غضب ودموع (...) ولن أؤذيها أبداً إلا بالخُفّين». صمد الزواج على رغم علاقتها بزعيم حزب العمال وعلاقته بجارته البريطانية في جامايكا. لكن ابنهما كاسبار عانى من طفولة منكسرة، وتوفي بجرعة مخدرات زائدة في الثالثة والعشرين. لم يعش فليمنغ ليرى «دكتور نو»، أول أفلام بوند، وتوفي في 1964 عن ستة وخمسين عاماً. كتاب آخر عن فليمنغ لصديقه روبرت هارلنغ الذي عمل في الاستخبارات معه. في «إيان فليمنغ: مذكرات شخصية» يقول هارلنغ إن صديقه اعتبر النساء أكثر تجاوباً مع الرجل المسيطر سواء في غرفة الجلوس أو غرفة النوم. كانت كل علاقاته جنسية، باستثناء واحدة أو اثنتين، ورأى أن العلاقة تنتهي بانتهاء الجنس. أحبّ السادية- المازوشية، وتكرّرت العبارات التي تشير الى ميل النساء الى الاغتصاب في كتب بوند. في «الجاسوس الذي أحبني» يقول: «كل النساء يحببن نصف الاغتصاب، الأخذ بالقوة، كانت هذه الوحشية العذبة على جسدي المرضّض ما جعل فعل الحب رائعاً الى هذه الدرجة». بوتر وسط العمر ختمت ج. ك. رولينغ «هاري بوتر والمقدّسات المميتة» بلقاء الأصدقاء الثلاثة في المحطة لوداع أطفالهم الذاهبين الى مدرسة السحر. تعود الى الفتى الساحر في منتصف عمره في مسرحية ستعرض في لندن الصيف المقبل. المشكلة أن «هاري بوتر والطفل الملعون» من جزءين وقد يعرضان في يوم واحد أو ليلتين. كشفت الكاتبة أن الأحداث تدور بعد موت لورد فولديمور بتسعة عشر عاماً، ويظهر فيها البطل الذي أسر جيل التسعينات وبداية الألفية الثالثة أباً لثلاثة أطفال يرهقه عمله في وزارة السحر. يتفاقم تعبه حين يعود الماضي الذي يرفض أن يبقى مكانه، ويصارع مع ابنه الأصغر ألبوس الإرث العائلي الثقيل الذي يرفضه الطفل. يختلط حاضر الأسرة بماضيها وتكتشف أن الظلمة لا تنبع بالضرورة من حيث نتوقعها. تستند المسرحية التي كتبها جاك ثورن الى قصة لرولينغ، وسيتعدى ثمن البطاقات الأمامية مئة جنيه استرليني. العمل جارٍ أيضاً على فيلم «حيوانات مدهشة وأين تجدها» الذي يقتبس كتب هاري بوتر السبعة. وأصدرت رولينغ أخيراً كتابها البوليسي الثالث «مهنة في الشر» باسمها المستعار المفضوح روبرت غولبريث.