في الوقت الذي تسعى فيه وزارة التعليم إلى استعادة هيبة المعلم، يفرض الطلبة «المشاكسون» ما يرونه «نظاماً»، انطلاقاً من مسمى الوزارة الحالي، «التعليم» من دون «التربية». وبحسب موظفين في السلك التعليمي، فإن نصيحة الطلبة لا تعدو دورها في التحصيل العلمي، لتكون مقبولة، وما دونها لا يُقبل. أما الطلبة فإن «التربية في نطاق المنزل وحسب». وبين «ضحكات متعالية، وقصّات شعر، ثوب وعباية، صبغات شعر» يعتقد الطلبة أن هذه الأمور ليست من صلاحيات الوزارة التي جرّد منها اسم «التربية»، ليواجه المعلمين والإداريين لسانٌ سليط يقصي دورهم التربوي. وقال علي أحمد البحراني (مدير مدرسة متوسطة): «مسمى الوزارة، سواء أكان التربية والتعليم، أم التعليم مع دمج التعليم العالي، لا يمكن أن يؤثر في الطالب بشكل مباشر، وإن فَقَدَ المسمى التربية وأبقى على التعليم»، مشيراً إلى أن انطباع أو انعكاس ذلك على الطلاب بشكل مباشر «ضئيل جداً، كما أنه يحتفظ في داخله ما أخذه من مراحل دراسية من قيم ومبادئ، مهما اختلف مسمى الوزارة، فهو يدرك أن هذه المنظومة تحتفظ بتلك القيم أيضاً، مهما اختلف مسماها، وهذا لا يعني أنها تنعكس على واقع الطلاب». وأضاف البحراني أن: «تصفيف الشعر وزي الطالب مبالغ فيهما كثيراً، فلا يزال المجتمع السعودي يعيش ضمن إطار القيم والمبادئ والعُرف العام، ولا يتعداه مهما كان طول شعره أو طريقة تصفيفه شعره ولبسه، وأنا مع الزي الموحد لجميع مراحل التعليم، فعندما يكون موحداً سيمنع الحيرة في اختيار الملابس، وسيكون الطالب حينها ملزماً بزي معين، ليس له الخيار في تعدد الأزياء أو اختيار ماركات معينة ليكون مميزاً، وعلينا تشجيع الطلبة على حرية الاختيار، كما نشجع حرية التفكير». بدورها، أكدت المستشارة الأُسَرية معصومة العبدرب الرضا أن «المدرسة بمثابة المعمل الضخم لإعداد الفرد وتنشئته وتنمية مواهبه، وأفكاره، وميوله، وتربيته تربية غير موجهة دينياً ووطنياً واجتماعياً، وتمكينه من مواجهة الحياة باقتدار بزرع القيم الأصيلة والمبادئ والمُثل، وليست المدرسة منتدى تعليمياً صرفاً أجوف مجتثاً تقوم على النظريات العلمية فحسب، إذ إن المدرسة تخاطب العقول والقلوب معاً لتخريج أكفاء قادرين على صنع القرار، وهذا صنيع التربية». وتجد العبدالرضا أن الوصول إلى قرار إسقاط مصطلح التربية من وزارة التربية والتعليم «ليس جيداً»، موضحة أنه «أوجد خللاً في النسق التعليمي، يكمن في وضع المناهج، فهل من الممكن تدريس منهج علمي صرف يخلو من التوجيهات الأخلاقية نحو الدين والوطن والمجتمع والمدرسة هي الساحة الرئيسة في عملية تغيير السلوك وتغيير العقول والسمو به نحو الأفضل؟ ولا سيما تلك العقول التي ما زالت تحت التكوين، فهذا سيؤثر سلباً فيهم ويقويهم على التمرد». وأضافت: «إن لم ننادِ اليوم وفي ظروفنا الراهنة بالتربية الوطنية والتربية المجتمعية فمتى سيكون ذلك؟»، مبيّنة أن التربية والتعليم ليسا بمعزل عن بعضهما إطلاقاً. وبصفتها تعمل في سلك التربية والتعليم، ومستشارة تربوية ونفسية فهي تطالب بإعادة اسم الوزارة إلى التربية والتعليم، لما يحمل من قوة ومنعة وحصانة لفكر النشء، «فلا خير في تعليم مجرد من التربية، ففي مقدم التعليم وسنامه الاتجاه التربوي الذي سيكون على أساس وضع المناهج واصطفاء المواد بما يتوافق مع العصر ومتطلبات الجيل وفكره وتوجهه، فالعلاقة بين المصطلحين علاقة ارتباطية، ويعملان في مصب واحد لا يمكن أن ينفكا عن بعضهما». وأوضحت المستشارة التربوية أن لائحة السلوك الخاص بالطلبة تتضمن مخالفات عدة، تندرج ضمن تقويم الطالب، من ضمنها: «إثارة الفوضى، وعدم الانضباط في الحضور، وإثارة المشاجرات، والنوم داخل الفصل، والهرب من المدرسة، وامتهان الكتب المدرسية، والكتابة على الجدران، وتهديد المعلمين، وإتلاف ممتلكاتهم، والتلفظ عليهم بألفاظ نابية، وعدم التقيد بالزي الرسمي السعودي، ومقاطعة المعلم أثناء الشرح». ولفتت إلى أن «لكل مخالفة حسماً محدداً من درجة السلوك لكل طالب، وربما تفرض بعض المدارس أنظمة وقوانين بحسب ما تراه يتناسب ورؤية إدارتها، مثل ارتداء أحذية بلون معين، أو عباءة معينة للفتيات». يذكر أن الوزارة مرت بثلاثة مسميات، كان أولها مع انطلاق العملية التعليمية في المملكة عام 1343ه، بمسمى «وزارة المعارف»، ومن ثم «التربية والتعليم» في عام 1424ه، وتغير إلى «وزارة التعليم» بعد دمج التعليم مع التعليم العالي.