توقع التحليل الاقتصادي لمجموعة «بنك قطر الوطني» (كيو أن بي) استقرار أسعار النفط عند حوالى 55 دولاراً للبرميل في المتوسط في العامين 2015 و2016 قبل توقع ارتفاعه إلى 60.2 دولار للبرميل في 2017 مع انتهاء تخمة المعروض في شكل تدريجي. وأوضح التحليل الأسبوعي الصادر أمس (السبت)، أن أسواق النفط ظلت متخمة بالمعروض منذ بداية العام 2014، وعندما فاق نمو المعروض نمو الطلب فقدت الأسواق التوازن، ما أدى إلى تراكم كبير للمخزون من النفط وانخفاض حاد في أسعاره. وأشار إلى أن أسواق النفط مثل غيرها من الأسواق الأخرى، تميل إلى التكيف والتخلص من فائض المعروض، إذ كان يُتوقع أن يأتي تكيف الأسواق في شكل خفض المعروض من قبل منتجي النفط العالي التكلفة (وخصوصاً في الولاياتالمتحدة)، وأن يأخذ شكل ارتفاع في الطلب لأن انخفاض الأسعار يشجع على زيادة الاستهلاك. وقال التحليل إن أحدث البيانات تشير إلى أن عملية التكيف جارية بالفعل، على رغم أنه ليس من المتوقع للسوق أن يتخلص من فوائض النفط للنصف الثاني من 2016. وذكر أن إنتاج النفط في الولاياتالمتحدة اتسم بالصمود أمام انخفاض أسعار النفط، لكنه بدا أخيراً أقل صموداً مما كان يعتقد في السابق. وفي آب (أغسطس) الماضي، غيّرت «إدارة معلومات الطاقة الأميركية» المنهجية التي كانت تتبعها في عمل تقديرات إنتاج النفط الخام في الولاياتالمتحدة. ولفتت إلى أن المنهجية الجديدة تعتمد على جمع المعلومات مباشرة من المنتجين بدلاً من الإعتماد على البيانات غير المكتملة الصادرة من جهات حكومية. وأوضح أن التقديرات الجديدة تشير إلى أن الولاياتالمتحدة تضخ كميات من النفط أقل مما أُعلن سابقاً. وكان الفرق في حزيران (يونيو) حوالى 149 ألف برميل في اليوم. وقال إنه على رغم أن كلتا المنهجيتين القديمة والجديدة توضح أن إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط بلغ ذروته في نيسان (أبريل) من هذا العام، إلا أن الانخفاض الذي تلى ذلك كان أعلى سرعة وفقاً للمنهجية الجديدة. وذكر أن تراجع عدد منصات النفط الذي بدأ مجدداً بعد أن توقف في منتصف العام، يؤكد أيضاً أن إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة ربما يكون تجاوز ذروته فعلاً، مشيراً إلى أنه لا توجد علاقة بين عدد المنصات وإنتاج النفط لأن المنتجين يميلون إلى إغلاق الآبار في المناطق الأقل إنتاجاً أولاً. وقال تحليل «كيو أن بي» أن بيانات إدارة معلومات الطاقة تشير الآن إلى تسارع وتيرة هبوط الإنتاج في المناطق السبع الأكثر إنتاجية. وإضافة إلى ذلك، من المستبعد أن تتعافى نشاطات الحفر على المدى القصير بسبب التخفيضات الكبيرة للإنفاق الرأسمالي، وتتوقع «وكالة الطاقة الدولية» تراجع إنتاج الولاياتالمتحدة من النفط الصخري الخفيف بحدود 0.4 مليون برميل في اليوم في الفترة من 2015 إلى 2016. أما في جانب الطلب، فتتوقع «وكالة الطاقة الدولية» أن يرتفع الطلب الإضافي إلى أعلى مستوى له في خمس سنوات في العام 2015 ليصل إلى 1.7 مليون برميل في اليوم، ويعدّ ذلك أمراً مدهشاً بالنظر إلى أن «صندوق النقد الدولي» يتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي أدنى مستوى له في ست سنوات خلال العام الحالي. ويرجع سبب تسارع نمو الطلب إلى انخفاض أسعار النفط الذي يشجع على زيادة الاستهلاك خصوصاً بين سائقي السيارات في الولاياتالمتحدة الأميركية. ولفت إلى أن الطلب تعزز أيضاً بفعل موسم الشتاء البارد في أوروبا في الربع الأول من العام الحالي واستمرار الصين في شراء النفط الخام، على رغم تباطؤ اقتصادها والمشاكل التي تشهدها أسواقها المالية، وذلك جزئياً بغرض ملء مخزوناتها الإستراتيجية. وأضاف أنه على رغم النمو القوي للطلب ما زال متوقعاً أن يظل المعروض في الأسواق أعلى من الطلب بواقع 1.5 مليون برميل في اليوم في 2015، ما يعكس زيادة الإنتاج من قبل الدول الأعضاء في «منظّمة الدول المصدرة للبترول» (أوبك) وكذلك الدول التي لا تنتمي إلى هذه المنظمة. ورأى أن من شأن النمو المتواصل للطلب في العام 2016 (1.2 مليون برميل في اليوم وفق آخر توقعات وكالة الطاقة الدولية) وخفض الإنتاج في البلدان غير الأعضاء في أوبك (0.4 مليون برميل في اليوم، غالبيته من النفط الصخري الأميركي) أن يعيد التوازن إلى السوق في النصف الثاني من العام 2016، غير أن احتمال زيادة الإنتاج من قبل «أوبك» بسبب رفع العقوبات الاقتصادية على إيران قد يؤخر إعادة التوازن للسوق حتى العام 2017.