على رغم أن هجرة السوريين إلى أوروبا ازدادت أخيراً في محاولة للبحث عن الحياة الآمنة التي افتقدوها في بلادهم بسبب الحرب التي شارفت على عامها الخامس، لكن هناك أناساً من جنسيات أخرى يأتون إلى سورية بحثاً عن الرزق. تقول مانينا، وهي من جورجيا، التي تفترش طرقات دمشق مع بسطة عليها أنواع مختلفة من الملابس والإكسسوارات النسائية التي تجلبها من سوق الحميدية في العاصمة، إنها "تخفف عن السوريات عناء البحث عن ملابس تروق لهن، فهن يفضلن مشاهدة أكبر قدر من الملابس". وتابعت أنها "تستأجر غرفة في فندق في منطقة المرجة، وتأتي كل يوم عند الخامسة مساءً، فيما تمضي الصباح في محال بيع الجملة لشراء بضاعتها". وترى الكرواتية الأصل كارولينا أن "الأسعار في سورية رخيصة مقارنة بأوروبا عموماً". وتضيف أنها "كانت تعيش في جورجيا وانتقلت إلى سورية قبل خمس سنوات". وتؤكد أنه "على رغم وتيرة الحرب الشرسة وغلاء الأسعار الذي يزداد مع الوقت، فإن المواد الأولية متوافرة، وعندما تُضبط الأسعار ويتوقف الاحتكار سيعود كل شيء إلى سابق عهده". وتشير كارولينا إلى أنها تعرف ما يعرفه السوريين عن بلدهم، بسبب المدة الطويلة التي أمضتها بينهم، إضافة إلى وجودها في السوق يومياً، وتعرف غالبية تجار الحريقة والحميدية، ما يسهل عليها التجارة. أما جورجينا، وهي امرأة ستينية، فكانت تعمل مدرِّسة في جورجيا، ثم عملت في مكتبة بعد تقاعدها بسبب حبها للعمل. وتقول إنها منعت من البيع على الأرصفة في بلدها، لعدم تمكنها من شراء محل، فوجدت أن سورية مكان مناسب للعمل. وتضيف أنها جاءت إلى سورية قبل 15 سنة، ووجدت أن التعامل مع السوريين جيد، ما يشعرها بأنها سورية. ولا تخلو الساحة من السوريات أيضاً، فأم محمد التي تداولت وسائل التواصل الاجتماعي قصتها، تشاركهن الرصيف، بعدما هُجرت من بيتها في داريا عند غوطة دمشق الغربية، إثر وفاة زوجها متأثراً بمرضه. وتقول أم محمد التي تعرف باسم "سيدة الخبز" إنها تصنع الخبز بنفسها، وزبائنها في ازدياد كل يوم. وتضيف أن منهم من يشتري الخبر منها بدافع الشفقة، ومنهم من يشتريه لمذاقه الطيب. لكن الأمور ليست بهذه البساطة، إذ توضح "سيدة الخبز" أن غلاء ثمن الطحين يمنع البعض من الشراء، لأن سعر الرغيف يصل إلى 25 ليرة سورية بعد إضافة حسابات المكسب وثمن المجهود. وإضافة إلى خروجها من منزلها ووفاة زوجها، تبتعد أم محمد عن أولادها الأربعة بعدما فرقتهم الحرب بحثاً عن الرزق.