تسعى مجموعة من الشباب اليمنيين إلى تقديم نموذج مختلف لاستيعاب مشكلة بطالة المتعلمين من خلال دفع الخريجين للعودة إلى الريف والعمل في المجال الزراعي. وأعلن نحو 36 شاباً وصبية عن تأسيس «الجمعية التعاونية للشباب الريفي المتعلم» التي ستنشط بداية على مستوى مديرية المعافر في محافظة تعز. وتهدف الجمعية إلى مساعدة الشبان المتعلمين العاطلين من العمل على العودة إلى مناطقهم وتبني مشاريع مثمرة تقوم على استغلال ما تتوافر عليه بيئاتهم الريفية. ويأمل القائمون على المشروع الذي يموله ملتقى المرأة للدراسات والتدريب بالتعاون مع الشركة الوطنية للغاز المسال بأن يشكل تجربة ناجحة ونموذجاً يقنع الشباب المتعلم بأن العمل في الزراعة ليس معيباً وأن ثمة فرصاً واعدة تنطوي عليها العودة إلى الأرياف. وقالت سعاد القدسي رئيسة ملتقى المرأة للدراسات والتدريب: «المشروع في مضمونه تدريبي صرف ويهدف إلى تقديم نموذج ناجح يلهم الشباب المتعلم لخلق مشاريع ريفية ناجحة تربطه بالأرض وتضمن له تأمين المستقبل». ويتوزع المشروع الذي يتوقع أن يبدأ عملياً مطلع الربيع المقبل على مجالات الزراعة وتربية الماشية وصناعة الأجبان وتربية النحل وصناعة المثلجات. ويقول ملتقى المرأة أن مبلغ مليوني ريال يمني رصد لدعم الجمعية بهدف خلق نموذج ناجح. وكان الملتقى أخضع منتسبي الجمعية لبرنامج تدريبي حول التفكير الخلاق والقيادة ومواجهة المشاكل ورسم الخطط والمشاريع. وقال رئيس الجمعية حافظ عز الدين: «تم إقرار 17 مشروعاً من إجمالي 37 مشروعاً ونحن حريصون على أن نجترح تجربة من شأن نجاحها لفت انتباه الحكومة والمنظمات المحلية والدولية للاهتمام بالريف بما هو مصدر رئيس للإنتاج والتنمية». وكان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح دعا أكثر من مرة الشباب اليمني للعودة إلى الأرض واستثمارها ووعد بتوزيع أراض مجانية على الشباب الراغبين بخوض هذه التجربة. بيد أن هذه الوعود لم تنفذ وثمة من يخشى أن تكون مجرد «علكة إعلامية انتخابية» إضافية كما يقول مختار (23 سنة) الذي حاول الاستفادة من هذا العرض. وتكرار الحديث عن تجارب ومشاريع تستهدف خلاص الشباب من البطالة بات يثير الإحباط لدى الكثير منهم، خصوصاً في ظل غياب أي استراتيجية وطنية تردف القول بالفعل. وقال عز الدين: «اشترطنا أن تكون المشاريع متلائمة مع البيئة كما تمكنا من الحصول على إقرارات خطية من أولياء الأمور موقعة من الجهات الرسمية تعطي للشاب حق استغلال الأرض لمدة ثلاث سنوات»، مشيراً إلى أن الجمعية والملتقى سيظلان يراقبان عمل المشاريع في شكل دوري. وتتوزع المستويات التعليمية لمنتسبي الجمعية ما بين الشهادة الجامعية والمعاهد المتوسطة والشهادة الثانوية. وينص النظام الأساسي للجمعية على أن يكون طالب الانتساب للجمعية متعلماً وأن يكون عاطلاً فعلياً من العمل. وبالنسبة للإناث يضيف أن لا تكون متزوجة. وفي شأن وضع بقية أعضاء الجمعية ممن لم تحرز مشاريعهم نجاحاً في منحة الدعم المالي قالت سرور محمد مقبل الأمين العام للجمعية إن الجمعية ستخصص 5 في المئة من رأسمالها لدعم بقية الأعضاء مؤكدة إن إصرار الشبان وتعاضدهم في هذا المشروع هو مدماك نجاحهم. وأعرب فادي عبده محمد (23 سنة) عن ثقته بنجاح مشروعه المتمثل بتربية النحل، موضحاً إنه يحتاج إلى نحو 30 خلية ليستطيع قطف ثمار عمله خلال عام واحد. وقال إن الدعم الأولي سيمكنه من الوقوف على قدميه وبخاصة لجهة توفير وسائل الإنتاج وكلفة نقل بيوت النحل إلى المراعي. ولفادي تجربة في مجال تربية النحل بطرق تقليدية لكنه شارك أخيراً في دورة تدريبية نظمتها جمعية النشمة الخيرية حول الأساليب الحديثة في تربية النحل وإنتاج العسل. ويتطلع أعضاء الجمعية إلى مؤسسة استثمارية كبيرة تستوعب كل الخريجين في مختلف المناطق اليمنية. ومعلوم أن تزايد الهجرة إلى المدينة بحثاً عن عمل يقلل من فرص نجاح الخطط المحلية والدولية الرامية الى الحد من معدلات البطالة والفقر. وتشير المعلومات الرسمية الى أن أكثر من 230 ألف منتسب جديد يلتحقون سنوياً بسوق العمل التي لا تستوعب سوى أقل من نصفهم فقط. ويتوقع أن يبلغ عدد العاطلين من العمل في عام 2015 نحو 1.6 مليون معظمهم من الشباب المتعلم.