يلوح بباكستان أمل في أن ينزع الوضع الامني الى الاستقرار، وألا يخرج عن السيطرة، مع لقاء الأحزاب السياسية في ولاية بيشاور، وشيوع أنباء عن بدء طالبان سحب مقاتليها من بونير. ودعت حكومة ولاية بيشاور إلى اجتماع للتوصل الى مخرج، وناقشت الأوضاع وتطوراتها اثر التوقيع على اتفاق السلام في سوات. وبحثت في تقارير عن انشاء طالبان حكومة موازية للادارة الرسمية في سوات، وعدد من المناطق الأخرى. وأرسلت الحكومة ثماني فصائل من قوات حرس الحدود إلى مديرية بونير لحماية المنشآت الحكومية في البلدة التي وقعت في قبضة طالبان. ولم يتوقف زحف مقاتلي طالبان عند بونير، بل تقدموا إلى مديرية شانغلا. ويبدو أن الحكومة أفلحت في حمل طالبان على إخلاء بونير وشانغلا. وبدأ مقاتلو طالبان بالانسحاب من بونير بعد أن سيروا دوريات هناك. فعلقت المحاكم عملها في المنطقة. وتعرضت قافلة لحرس الحدود في توتالاي إلى هجوم أسفر عن مقتل شرطيين وجرح ثالث. وحاول الجيش والحكومة احكام قبضتهما. ورأى الناطق باسم الجيش الباكستاني ان الاعلام ضخّم ما حصل في بونير، وقال أن طالبان لم تسيطر إلا على أقل من 25 في المئة من المديرية. وحري بمثل هذا الكلام أن يبعث الحكومة على القلق. فحركة طالبان امتحنت قدرة الحكومة على الصبر، إثر اقتحامها المناطق حول سوات. ولكن هل تدرك الحكومة المخاطر الحالية؟ فالرئيس زرداري أعلن أنه لن يسمح بأن تتحدى جماعة ما سلطة الحكومة. وفي بيشاور، أشار رئيس وزراء الحكومة المحلية، بشير بيلاور، الى حق الحكومة في اللجوء إلى القوة، في حال انتهكت طالبان اتفاق السلام بين حكومة بيشاور والمسلحين في سوات. وهو اتفاق اعترضت عليه الدول الغربية. وانتهجت الولاياتالمتحدة أسلوباً خبيثاً في التعامل مع باكستان. فهي تنتهك المجال الجوّي الباكستاني، وتطلق صواريخها على ما تسميه مخابئ المقاتلين. وتوفد ممثليها الى إسلام أباد لإبلاغها أن الحرب على الإرهاب تتماشى مع رغبات إسلام أباد نفسها، وتنزل على طلبها. وحري بالولايات لمتحدة أن تدرك أن الوضع في باكستان معقد، في وقت تتورط عناصر رسمية، وقوى غير حكومية أو رسمية، في المشكلات. ولا شك في أن اتفاق السلام في سوات يسهم في ارساء الاستقرار في المنطقة. ويقع على عاتق اجهزتنا الاستخباراتية التيقظ، ومراقبة تحركات طالبان وأنشطتها، والحرص على كبح تعاظم قوتهم. عن افتتاحية صحيفة «ذ بوست» الباكستانية، 25/4/2009، اعداد جمال اسماعيل