كشفت دراسات حديثة أن هناك صلة بين طول القامة وقصرها، وبين الإصابة بأمراض القلب والدورة الدموية والزهايمر والسرطان وبعض الأمراض النفسية والظواهر السلوكية. وأفادت دراسة أجراها باحثون من جامعة "ليستر" البريطانية، ونشرت في "مجلة نيو انغلاند للطب"، أن "قصار القامة أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب التاجية". ودرس الباحثون بيانات وراثية لنحو 200 ألف شخص، وفحصوا 180 مُتغيّراً جينياً يؤثر على الطول وأمراض القلب التاجية. ووجدوا أن "كل تغيير قدره 6.35 سنتيمتر في الطول يؤثر على احتمال الإصابة بأمراض القلب التاجية بنسبة 13.5 في المئة، ففي حال كان طول شخص 152.4 سنتيمتر فإن خطر إصابته بأمراض القلب التاجية يكون أعلى بمقدار 34 في المئة مقارنة بشخص طوله 167.64 سنتيمتر". ولاحظت دراسة أخرى قام بها الدكتور في مستشفى النساء بكلية طب "هارفارد" في بوسطن لوك دجوسي أن "الرجال الذين يبلغ طولهم أكثر من ستة أقدام أقل عرضة للإصابة بقصور القلب بنسبة 24 في المئة، مقارنة مع الذين كان طولهم خمسة أقدام وثمانية إنشات أو أقل". لكنها أوضحت أنه "بعد معرفة عمر ووزن الرجال لا بد من الأخذ بعين الاعتبار إن كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري". وكشفت دراسة نشرتها صحيفة "دايلى ميل" البريطانية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وأشرف عليها باحثون من جامعة "أدنبرة" الأسكتلندية، أن "الرجال الأقصر من 168 سنتيمتراً أكثر عرضة للوفاة بمرض ألزهايمر بنسبة 50 في المئة، مقارنة مع الذين يزيد طولهم عن 177.8 سنتيمتر". وأضافت الدراسة التي شملت 180 ألف شخص بين العامين 1994 و2008، أن "السيدات قصيرات القامة المصابات بالخرف أقل عرضة للوفاة مقارنة بالرجال". وأوضحت أنه "ثبت أن النساء اللواتى يقل طولهن عن 156 سنتيمتراً ترتفع فرص وفاتهن بالخرف بنسبة 35 في المئة، مقارنة باللواتى يبلغ طولهن 165 سنتيمتراً". وحول ارتباط الطول بالعوامل النفسية، أشارت دراسة نشرت في "مجلة الأبحاث النفسية" الأميركية إلى أن "من يتعرضون إلى مواقف اجتماعية ناجمة عن قصر قامتهم أكثر عرضة للإصابة بجنون العظمة وعقدة النقص وغياب الثقة بالنفس". وذكر القائمون على الدراسة أن "عدم تقدير الشخص لنفسه، يمكن أن يؤدي إلى تفكير يتسم بجنون العظمة، كرد فعل للمواقف الاجتماعية التي تشعره بالدونية، بالإضافة إلى شعوره بانعدام ثقة شديد في الناس". وقال دانييل فريمان من جامعة أوكسفورد الذي قاد الدراسة، إن "طول القامة مرتبط بنجاح كبير في العمل والعلاقات. طول القامة يفسر على أنه سلطة. نحن نشعر بالقوة حين نشعر أننا أطول." لكن طول القامة ليس علامة على صحة أفضل دائماً، بل قد يكون مؤشراً إلى أن الشخص أكثر عرضة للإصابة بأمراض عدة، منها السرطان. وكشفت دراسة سويدية نشرها موقع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، وشملت خمسة ملايين شخص أن "كل زيادة بقدر 10 سنتيمترات في طول الأشخاص البالغين، تزيد خطر الإصابة بالسرطان بنسبة 18 في المئة لدى النساء، و11 في المئة للرجال". وأوضحت الدراسة أن "خطر إصابة طويلات القامة بسرطان الثدي يزيد بنحو 20 في المئة، في حين يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد لدى الجنسين بنسبة 30 في المئة". وأرجع الباحثون هذه العلاقة إلى أن "طوال القامة لديهم عوامل أكثر للنمو، قد تساعد في تطور السرطان، لأنهم يمتلكون خلايا أكثر في أجسامهم، ما يزيد من خطورة تحولها إلى خلايا سرطانية". وتقول رئيسة مركز "أبحاث الخلايا الذرية" في جامعة لندن دورثي بينيت، إنه "من المحتمل أن يرتبط خطر الإصابة بعدد الخلايا في جسم الإنسان، فالمرض ينشأ من طريق تحول الخلايا العادية، وطوال القامة لديهم عدد أكبر من الخلايا". لكن خبراء ذكروا أن الدراسة "لم تأخذ في الاعتبار الكثير من عوامل الإصابة الأخرى، وإنه لا يتعين على طوال القامة القلق". واعتقد العلماء سابقاً أن طوال القامة يعيشون فترة أطول، بسبب الصحة الجيدة والنظام الغذائي ونمط الحياة، ونشرت دراسة في مجلة "علم الأوبئة وصحة المجتمع" أكدت أن "السيقان الأطول ارتبطت دائماً بطول العمر". ودرس فريق من قسم الطب الاجتماعي في جامعة "بريستول" بقايا عظام مدفونة في كنيسة القديس بطرس في شمال لينكولنشاير في بريطانيا، ووجدوا صلة بين قصر عظام السيقان وزيادة احتمال الوفاة مبكراً. واكتشف الباحثون من خلال درس هياكل عظمية ل490 من الذكور والإناث، أن 178 من الذكور و123 من الإناث لقوا حتفهم قبل سن ال45، فيما لم يصل 124 من الذكور و94 من النساء إلى سن ال30. ومن بين كل العظام المدروسة، اتضح أن "فرص الموت قبل سن ال30 تقل كلما زاد طول عظم السيقان". ولم يدرك العلماء تحديداً سبب الصلة، لكن نظريات علمية اعتبرت أن "طول القامة غالباً ما يكون علامة على تغذية أفضل داخل الرحم، ما يجعل طوال القامة أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والجهاز التنفسي".