ما يحدث للجوف للمرة الثانية يخيف أولاً ويشير ثانياً لخلل مجهول يقف وراءه مجموعة مستأجرة أو مخدوعة محتسبة بعد أن تضاربت لديها المفاهيم واختلت الموازين والقوى، بماذا نسمي هذه التصرفات؟ هل تُحْسَب فردية بحتة؟ أم جاهلية مقيتة؟ أو متطرفة حادة؟ وإن كنت أميل للثالثة الأخيرة. المقلق والمحزن أن هناك من صمت إزاء ما حدث هناك على مستوى القتل والإحراق وهو المزعج دائماً، ولعلنا مضطرون لسحب علامة تعجب كبرى بحجم حضور فضيلة «الصمت». لابد أن نحظر ونتابع ونطارد كل من يبرر جرائم التخريب والترهيب، فهو الكبسولة التي يتم تناولها سراً فتغري على التقدم وتذهب بالعقل عن إدراك أبعاد التصرف. يظن المتابع في المرتين أن النادي الأدبي في الجوف بأفراده وجدرانه انطلاقة فساد وتجمع «متعلمن» خطر لا يمكن إيقافه إلا بتهديد الرئيس بالقتل وإحراق النادي، وهو تفكير الجبان الضعيف وأسلوب العاجز عن المواجهة ولقاء الحجة بالحجة. يستحيل أن يبعث برسالة تهديد القتل ويحرق المكان إلا متطرف متهور مجنون، لا بد أن يوقف ويقطع ذيله، ثم يقاد ليحضر الرؤوس التي تصرف الهاتف الجوال بالمجان، وتسدد الفاتورة وترسم الخريطة وتتبنى الأفكار عن بُعد، من استراحة منزوية أو شقة مفروشة، أي مأزق نحن فيه مع هذه العقليات المتخلفة التي لا ترى رادعاً فتمارس التحدي عملاً على «أمْنِ العُقُوبة»! في المرة الأولى كان الفاعل شاباً في المرحلة المتوسطة تم إرساله لتأخذ الرحمة قلوب من يلتقون مع فعلته على طاولة المحاسبة والعقاب، هذه المرة لا أظن أن زميله في الصف سيقوم بالتجربة ذاتها، ولن نقتنع بأن تذهب القضية بالتسجيل ضد مجهول أو مراهق، فلا بد من قوة عقاب وحساب ومعرفة لمن يقود كل هؤلاء المتطرفين من الخلف، وما الدوافع التي وقفت وراء هذه الحماسة. برفقتي اقتراحات كثيرة ربما تطفئ النار المشتعلة في الجوف لحظة قدوم فكرة جديدة أو ضيف لا يتقاطع مع الرغبات والأهواء ولا يوافق المزاج: الأول أن يقدم النادي الأدبي الدعوة لضيوف مختلفين في الطرح، ملتقين في الروح والطموح على منبر واحد وينتظر، فربما يحترق نصف النادي أو ترسل نصف رسالة! ليحاول النادي ورجاله عرض جدول أعمالهم في سوق شعبية أو على لوحة خارجية بمسجد مجاور ويضع تحت الجدول قائمة بأسماء المراد دعوتهم ويتلقى الموافقة بناء على حجم التصويت، على أن يضع بالجوار أعواد كبريت، فلا مجال للتجاهل أو الطمس، ليتحمل النادي قسوة أن يكون مجرد سوق صغيرة لعرض ما يطلبه «المهددون بالقتل أو المحرقون». الحل السابق هو ما يرضي هواة التطرف والتخلف، أما الحل العقلاني: فهو أن يذهب مشايخنا ورموزنا الشعبية المعروفون ولو بالانتداب على حساب النادي إلى الجوف للشرح والإيضاح ووضع النقط المتناثرة على الحروف، ليحذفوا «واو» العطف من «نحن والآخر»، ويشرحوا بالتفصيل والعقل والمنطق جرم الفعلة، وهل دم المسلم على المسلم حلال؟ ليعيدوا ما قاله المفتي عن العمل وانه منكر خطر، ليتحدثوا عن قرب، لأن حديثهم هو الوحيد الذي لن تقطعه اتصالات هاتف محمول أو أصوات مرفوعة. انتهت المساحة ولم ينته الكلام!! [email protected]