يحتدم الصراع بين الأحزاب السياسية في بريطانيا، مع اقتراب البلاد من حسم الجدل في شأن عضويتها في الاتحاد الأوروبي خلال الاستفتاء المقرر إجراؤه نهاية العام 2017. وانطلقت حملتان متناقضتان، الأولى تدعو البريطانيين إلى البقاء في التكتل الأوروبي، والثانية تؤيد تركه لإعادة السيادة إلى المملكة المتحدة. بدأت الأسبوع الماضي حملتا «صوّت بالترك» و«بريطانيا أقوى في أوروبا» المضادتين، واحتدم التنافس بينهما. إذ هاجم قائد الحملة المؤيدة لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي اللورد المحافظ ستوارت روز الحملة الأخرى، قائلاً إن «المعتقدين بأن الطريق الأفضل لبريطانيا هو التراجع والانعزال لا يفهمون تكويننا الوطني»، مضيفاً: «لن أسمح لأحد بالتشكيك في وطنيتي لأنني افضّل أن تكون بريطانيا أقوى لخير اقتصادنا وأمننا ومجتمعنا»، وفق ما ذكرته «هيئة الاذاعة البريطانية» (بي بي سي). وأضاف روز الذي تلقت حملته دعماً من ثلاثة رؤساء وزراء هم جون مايجور وغوردون براون وتوني بلير، أنه «في حال تركنا الاتحاد، فإن الانهزاميين (حملة صوت بالترك) لا يعرفون كيف سنعود إلى منطقة التجارة الأوروبية الحرة الموجودة الآن، لأن حرية الحركة التجارية تكفلها قوانين الاتحاد»، موضحاً أنهم «لا يعرفون كم ستستغرق فترة إعادة الاتفاقات التجارية المبرمة حالياً أو كيفية التوصل إلى اتفاقات جديدة، كما أنهم لا يستطيعون تأمين فرص العمل التي ننعم بها الآن أو عدم ارتفاع الأسعار». وأوضح أن «الكلفة السنوية لعضويتنا في الاتحاد الأوربي تبلغ نحو 340 جنيهاً أسترلينياً لكل عائلة بريطانية، فيما تجني كل عائلة فوائد على صعيد فرص العمل والتجارة والاستثمارات وانخفاض الاسعار بنحو 3 آلاف جنيه استرليني، أي بعائد يعادل 10 جنيهات للجنيه الواحد». في المقابل، دعا المناهضون لعضوية بريطانيا في الاتحاد إلى «طلاق ودي» مع التكتل الأوروبي يسمح لبلادهم بالخروج، لكن مع ابقاء علاقات تجارية قوية مع الاتحاد، لافتين إلى أمثلة عدة يمكن للبلاد أن تستفيد منها مثل «النروج التي تسمح للمملكة المتحدة بالخروج من الاتحاد الأوروبي وضوابطه في مجالات اقتصادية وسياسية عدة والمشاركة فقط في منطقة اليورو، وأيضاً سويسرا تسمح لبريطانيا بالتفاوض على اتفاقات التجارة لكل قطاع على حدة، فيما تستطيع البلاد تطبيق النموذج التركي الذي يضمن لها منفذاً إلى المنطقة الاوروبية الحرة في مجال البضائع فقط، من دون الاستفادة من الخدمات المالية». ورأى المؤيدون للبقاء في التكتل أن الدول الرئيسة فيه لن يسمحوا للمملكة المتحدة بالإستفادة من المنطقة الحرة والإفلات من الضوابط الأخرى، في إشارة إلى أن النروج وسويسرا تتبعان قوانين أوروبية عدة من دون القدرة على تغييرها، في وقت أكدوا فيه أن التفاوض حول اتفاق خاص غير معروف المعالم قد يستغرق فترة طويلة. في سياق متصل، ذكرت صحيفة «اندبيندينت» أن رئيس «حزب الاستقلال البريطاني» نايجل فاراج المساند لحملة «صوت بالترك»، «توقع حصول انقسام في حزب المحافظين». وقال فاراج إنه «من الواضح أن الحزب الحاكم يعاني من انقسام حاد بشأن هذا الامر، وربما كان اعضاؤه منقسمين خلال العقود الأربعة الماضية». وكان رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كامرون وعد، قبيل الانتخابات الماضية، بإجراء مفاوضات حول شروط عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي، لكنه شدد على أن ذلك قد لا يحدث قبل انتخابات العام 2017، لكن الحال السياسية تنذر بأن الاستفتاء قد يأتي مبكراً.