يضم أحد شوارع مدينة جدة الشعبية في وسط المدينة إحدى المقابر التي أكد أحد ساكني المنطقة أنها غريبة ومغلقة طوال العام، وأن كل ما يعرفه عنها أنها «مقبرة الخواجات». لا يبدو على هذه المقبرة، عند الاقتراب منها، أية علامة تميزها سوى أشجار كثيفة تحيط بسورها القديم، إضافة إلى محال تجارية ومبانٍ سكنية ذات طابع شعبي. وتمتد المقبرة إلى نحو ألف متر مربع، يحيطها سور يبلغ ارتفاعه مترين ونصف المتر تقريباً، تبدو أحجاره عتيقة، كما هي حال الأبنية القديمة في منطقة البلد. وكما يتردد فإن جذور تلك المقبرة تعود إلى خمسة قرون تقريباً، وكانت آنذاك تقع خارج مدينة جدة، في القرن ال15. ويقول المدير العام للسياحة والثقافة في أمانة محافظة جدة المهندس سامي نوار ل«الحياة»: «تلك المقبرة تأسست أثناء حرب البرتغاليين على مدينة جدة عام 1519». وذكر أنه يوجد عدد من الخرائط تؤكد وجود هذه المقبرة منذ حرب البرتغاليين، «لعدم وجود خطوط طيران في تلك الفترة، فكان الدفن يتم في جنوبجدة خارج سور المدينة القديم». وأثناء تجول «الحياة» قرب المقبرة، التي لا يسمح للمسلمين بدخولها إلا بتصريح، يمكن رؤية الكثير من قبور الأطفال، وقبور الكبار من دون تمييز لجنسياتهم أو أعراقهم. وعلى كل قبر شاهد من الرخام، نقش عليه اسم المتوفى وجنسيته وتاريخ وفاته. ورصدت كاميرا «الحياة» أكاليل من الزهور فوق بعض القبور. يذكر أن مصلحة الإحصاءات العامة قدرت أخيراً عدد العمالة في السعودية بنحو 11.2 مليون أجنبي في القطاعات الحكومية والخاصة يدينون بديانات مختلفة غير الإسلام، منهم من يبقون في السعودية سنوات طويلة، ومنهم من يكبر أو يدهمه المرض أو يتعرض لحادثة ليصبح في عداد الموتى. وقد يصعب على أهل المتوفى نقله إلى بلده لارتفاع الكلفة ونحوه، وقد يسهل الأمر بوجود «مقبرة الخواجات»، التي خصصت منذ وقت طويل للموتى غير المسلمين، الذين توافيهم المنية على أرض المملكة. وعلى رغم وجود المقبرة في حي البلد بجدة، الذي يقطنه كثير من البسطاء والتجار والمواطنين والوافدين معاً، وكونها أضحت من العلامات البارزة في هذا الحي، فإنها تكاد تكون مجهولة بالنسبة إلى معظم ساكني جدة، حتى مع وجود لوحة ترقيم كتب عليها: «شارع مقبرة الخواجات 81».