لا يزال التوتر سيد المشهد في تركيا بعد 3 أيام على مقتل 97 شخصاً في تفجيرين انتحاريين استهدفا مسيرة للأكراد في أنقرة السبت الماضي. لكن حدته تراجعت قليلاً، ما سمح بزيارة رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو موقع التفجيرين، وبخروج الرئيس رجب طيب أردوغان عن صمته، إذ ظهر للمرة الأولى علناً خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفنلندي ساولي نينيستو الذي يزور أنقرة. في المقابل، جدد صلاح الدين دميرطاش، زعيم حزب «الشعوب الديموقراطي» الكردي اتهامه أجهزة الدولة ب «الوقوف وراء التفجيرين، أو غض النظر عن منفذيه إذ إن تنظيم داعش لا يستطيع تنفيذ عملية مماثلة بلا مساعدة أجهزة الدولة». وتبحث السلطات عن 21 شخصاً ينتمون إلى خلية إرهابية تحمل اسم «أضيامان»، نسبة الى مدينة يتحدر منها منفذو الهجمات الثلاثة التي استهدفت الأكراد منذ حزيران (يونيو) الماضي، بدءاً بعملية ديار بكر عشية الانتخابات، مروراً بعملية سوروتش في تموز (يوليو)، ووصولاً إلى تفجيري أنقرة الأخيرين. وكان شبان من هذه المجموعة قاتلوا في سورية تحت راية «داعش» ثم عادوا الى تركيا هذه السنة. وكان لافتاً مواجهة رئيس الوزراء داود أوغلو انتقادات كثيرة من أحزاب المعارضة والإعلام بعدما صرح في مقابلة صحافية: «نملك لوائح بأسماء مشبوهين يحتمل تنفيذهم تفجيرات أو هجمات انتحارية، لكننا لا نستطيع اعتقال أي منهم قبل أن ينفذوا عملاً إجرامياً أو تتوافر أدلة دامغة على مخططاتهم لأننا نعيش في دولة ديموقراطية وتخضع للقانون، وليس في دولة شرق أوسطية تلقي بالناس جزافاً في السجن بلا تهمة». ونددت المعارضة ب «تذكير داود أوغلو بالديموقراطية وسيادة القانون فقط في حديثه عن مكافحة الإرهاب، في حين تسجن حكومة حزب العدالة والتنمية عشرات الصحافيين بلا حكم، واعتقلت سابقاً مئات من الجنرالات البريئين مستفيدة من تسييس القضاء». وفي إطار الاستعداد للانتخابات المبكرة في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، نشرت مجلة «نقطة» التابعة للداعية المعارض فتح الله غولن تسريباً لمحضر اجتماع سري عقده قادة في حزب «العدالة والتنمية» في الأول من أيلول (سبتمبر) الماضي وخُصص لبحث أسباب تراجع شعبية الحزب، ثم انتهى بتوجيه انتقادات مباشرة لتدخل الرئيس أردوغان في شؤون الحزب، وارتباط اسم الحزب بالفساد والترف. وأوردت المجلة أن وزير الطاقة طانر يلدز عرض في الاجتماع إحصاءات تشير الى تراجع شعبية الحزب الحاكم في شكل كبير بين المثقفين والمتعلمين «ما يعني أننا نقتل أنفسنا بإنشاء جامعات في كل محافظة». أما مجاهد أصلان، المقرب من أردوغان، فقال وفق المجلة: «نلنا نسبة 41 من الأصوات، لكننا لا نمثل فعلياً إلا نسبة 25 في المئة من الناخبين. وإذا ظهر حزب يميني يشبهنا على الساحة سيقضي علينا». ونقلت عن النائب طه أوزهان قوله في الاجتماع: «الأفضل أن تبقى علاقتنا بالرئيس أردوغان بعيدة من العلن. يستطيع أن يرسل لنا أوامره، لكن ظهوره على الساحة يضرّ بشعبيتنا ويظهر حزبنا برأسين».