أعلن الموقع الرسمي لجوائز "نوبل" أسماء الفائزين في مجال الكيمياء هذا العام عن أبحاث قادرة على فتح بابٍ أمام اكتشاف طرق جديدة لعلاج أمراض وراثية عدة عجزت أمامها البشرية لآلاف من السنين. وفاز السويدي توماس ليندال والأميركي بول مودريتش والتركي-الأميركي عزيز سانكار بجائزة "نوبل" في الكيمياء عن أبحاثهم لتفسير "قدرة الخلايا على اصلاح الحمض النووي (دي ان اي) التالف لحماية المعلومات الوراثية"، بحسب الإعلان الصادر عن اللجنة المانحة للجائزة. وفسرت الأبحاث قدرة الخلايا على اصلاح ما تتلفه الأشعة فوق البنفسجية وأي مؤثرات أخرى قد تتلف الحمض النووي، في نظام يحول دون حدوث فوضى كيماوية داخلنا، واستطاع العلماء الثلاثة الكشف تفصيليًّا عن آلية عمل هذه الأنظمة. ويتعرض الحمض النووي إلى الإتلاف يوميًا من طريق التعرض إلى الأشعة فوق البنفسجية أو الشقوق الحُرة أو أي موادٍ أخرى. والشقوق الحرة هي مجموعة من الذرات تحتوي على الكترون واحد منفرد. والالكترونات هي دقائق سالبة الشحنة تكون في العادة في أزواج تكوّن معاً ترتيباً مستقراً من الناحية الكيماوية، فإذا كان الالكترون في صورة منفردة فإن ذرة أخرى أو جزئياً آخر يمكن أن يرتبط به في تفاعل كيماوي. ونظراً لأن تلك الشقوق الحرة يمكنها الارتباط بغيرها من المركبات داخل أعضاء الجسم بسهولة فقد تتسبب في تغيرات شديدة داخل الجسم. وليست كل الشقوق الحرة ضارة، فالتي ينتجها جهاز المناعة تدمر الفيروسات والبكتيريا، وثمة شقوق حرة أخرى تضطلع بإنتاج هورمونات حيوية وتنشيط أنزيمات ضرورية للحياة. ونحن نحتاج الشقوق الحرة لإنتاج الطاقة والمواد المختلفة التي يحتاجها الجسم. ولكن إذا زادت زيادة كبيرة فقد تحدث تلفاً بالخلايا والأنسجة. وحتى من دون هذه المواد فان حمضِنا النووي غيرُ مستقر، ويشهد آلاف التغيراتِ المفاجئة يوميًا داخل الخلايا، حتى أن هذه الأخطاء تحدث اثناء عملية نسخ الحمض لدى انقسام الخلية وهو ما يتم ملايين المرات يوميا داخلَ جسم الإنسان. واكتشف سانكار آليةً تسمى "الإصلاح بحذف نيوكليوتيدة"، والنيوكليوتيدة هي الوحدة الأساس في بناء جزيء الحمض النووي، وهي الآلية التي تستخدمُها الخلايا لإصلاح الضرر الذي سببتْه العوامل المسببة للطفرات، وتزيد احتمال الإصابة بسرطان الجلد عند الأشخاص المولودين بخلل في هذه الآلية. أما ليندال فاكتشف آلية " الإصلاح بحذف القواعد النيتروجينية" والتي تمنع انهيار الحمض النووي أو تحلله. واستطاع مودريتش اكتشاف كيفية إصلاح الخلايا للأخطاء التي تحدث في حمضنا النووي أثناء انقسام الخلايا وهي آلية "إصلاح عدم التطابق" التي تحول دون حدوث العديد من الأخطاء اثناء تكرار الحمض النووي لألف مرة. والخلل في هذه الآلية قد يكون سببا في بعض الأمراض الجينية مثل سرطان القولون. وتُسلّم جوائز "نوبل" في احتفال رسمي في العاشر من (كانون الأول) (ديسمبر) من كل عام على أن تُعلن أسماء الفائزين في تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه من قِبل اللجان المختلفة المعنية بتحديد الفائزين. وتسلم جائزة نوبل للسلام في أوسلو بينما يسلم الجوائز الأخرى ملك السويد في ستوكهولم.