يرقص عشاق السهر على أنغام الموسيقى الإلكترونية أمام منسّق أسطوانات متحمّس... المشهد يشبه أي سهرة كلاسيكية في مرقص ليلي، إلا أن الفرق هنا هو أن الصمت يعمّ المكان فيما يستمع الحضور الى الأغاني عبر خوذات. وتشكّل السهرات الصامتة بديلاً عن السهرات العادية في النوادي الليلية، وباتت تجذب المزيد من الرواد من سان فرنسيسكو الى مانيلا، مروراً بلندن وباريس وأمستردام، وصولاً الى إيطاليا وإسبانيا وألمانيا فسويسرا. وتختلف التسميات التي تطلق عليها، من «سايلنت بارتي» الى «سايلنت ديسكو» و«كواييت كلابينغ» و«سهرات بخوذة»، إلا أن المفهوم هو نفسه أينما كان. وشهدت أوروبا أولى هذه الحفلات الصامتة في مطلع الألفية في هولندا وبريطانيا. وأقيمت أمس في باريس، حفلة «سايلنس ستايشن نايت» شارك فيها حوالى 2500 شخص في محطة «غار دو نور»، التي تحوّلت لليلة واحدة الى صرح للموسيقى الإلكترونية الصامتة بعد حفلات مماثلة نُظمت هذا الصيف في مناطق مختلفة من فرنسا، لا سيما في ليل (شمال) وبوزانسون (شرق). ويشدّد منظمو هذه الحفلات على ميزتين أساسيتين، الأولى عدم إزعاج المقيمين في جوار مكان إقامة الحفلة، والثانية أن المشاركين ينتقون الموسيقى التي يريدون الرقص عليها من خلال اختيار واحد من منسّقي الأسطوانات الكثر الذين يعملون بالتزامن. ويقول مالك منصر، المسؤول الإعلامي عن الحفلة في «غار دو نور»: «إنها طريقة جديدة للسهر. الخوذة تشبه القناع، فيشعر الناس وكأنهم متنكرون». وتساعد الخوذة على التحدّث الى الجار أو الجارة في الحفلة من دون التطفّل... ويرى منسّق الأسطوانات «مام» (41 سنة)، أن «الخوذة تزيل العقد». ويضيف مبتسماً: «أحياناً، أنزع خوذتي لأستمتع بعض الشيء فأسمع الناس يغنون أو يتحدثون، بينما في الحفلات العادية لا يمكننا سماع ذلك». ويلفت إلى أن الخوذة تقيم علاقة حميمة أكثر بين المنسق الموسيقي وكل شخص على حلبة الرقص، «فالناس لديهم الانطباع بأننا ننسق الموسيقى لكل واحد منهم شخصياً». ومن الأمور المميزة في هذه السهرات أيضاً مقارنة بمرقص عادي، أن ثلاثة منسّقي أسطوانات يعملون جنباً الى جنب على المسرح ومع موسيقى مختلفة وتنافس ودّي جداً، في محاولة لجذب أكبر عدد من الناس إلى حلبة الرقص. وشارك الى جانب «مام» أمس، المنسق كات كيلر (44 سنة) المعروف في هذه الأوساط، لكنه مبتدئ في السهرات الصامتة. وفي باريس وخلال حفلة أمس الصامتة، وضعت شركة سكك الحديد الفرنسية محطة غار دو نور في تصرّف المنظمين من الساعة 23,30 الى الساعة الخامسة صباحاً. وأوضحت أن الحفلة «لم يكن لها أي تأثير في حركة القطارات»، لأنها «أقيمت بعد آخر قطار وقبل أولى الرحلات الصباحية الأحد».