يعيش المسنون في منطقة الباحة حال نشاط غالباً بسبب عوامل مساعدة كثيرة، من بينها الطقس الصحي في الأرياف، والغذاء الطبيعي الذي يمثل جزءاً هاماً في حياتهم. كما أن أطرافهم لم تتوقف عن العمل والاعتماد على النفس، فالبيئة الاجتماعية في الأرياف تساعد المسن على المشي والتنقل بين منزله والمسجد، وقضاء وقت أطول في مزرعته، ما يحفز سنوات حياتهم على البقاء. إلا أن ذلك أيضاً يتسبب في وصولهم إلى الحاجة بسبب كبر السن في النهاية. وعلمت «الحياة» بأن الاجتماع الأول لتكوين مجلس الإدارة وإنشاء دار للمسنين باسم جمعية «إكرام المسنين» في منطقة الباحة، سيكون في 23 من محرم المقبل، وبحسب الحالة المسحية السريعة التي أجريت على منطقة الباحة برز أن هناك نحو 800 حالة مستفيدة من كبار السن. وأنشأ مغردون على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» وسم (#جمعية- مساندة كبار-السن)، طالبوا فيها بتكوين جمعية مستقلة لهم. كما تداول المغردون مشاهد إنسانية لكبار السن الذين يعملون في تقديم القهوة والشاي لموظفين بعمر أبنائهم، بعد أن ساقتهم الحياة إلى العمل بعد ضيق مصادر العيش. وقاربت حياة المُسن علي آل خميس على مئة عام، وهو حديث عهد بالزواج، ويتفق مع الكثير من كبار السن أن للنوم المبكر بعد صلاة العشاء والاستيقاظ قبل الفجر أثراً كبيراً في شحن الجسد بالطاقة والحيوية، واستخلاص السمن والعسل البري من البستان الذي يعتني به، إضافة إلى أنه يركز على ألا يتناول أطعمة من خارج منزله، ويعتمد على قمح مزرعته، ويأكل من لحم الضأن التي يرعاها. وكعادتهم؛ يعتمد كبار السن في الباحة على أنفسهم، ولا يرغبون أن يشاركوا في اتخاذ القرار، إلا أن حياة أبنائهم ومصالح العمل أبعدتهم عن إكمال حياتهم إلى جوار آبائهم، إذ يبقى الآباء لوحدهم ينتظرون من يقدم لهم العون من أبناء القرية. كما أن رفضهم القاطع الانتقال من القرية إلى المدينة يُحتم احتواء من لم تقبل حياتهم الانتقال. إذ إن حاجاتهم الفعلية لا تقتصر فقط على الأكل والشرب، التي في العادة يؤمنها الآبناء لأبائهم، ولكن الحياة الاجتماعية تتطلب العشرة مع الناس. وينقل الفنان السعودي محمد السليمان، الذي اشتهر بأغنية تصف قصة كبار السن، وتصور المأساة التي يعيشونها من إهمال وتجاهل أبنائهم، وهي مستوحاة من قصة حقيقية حدثت لأحد الآباء الذين يعانون القسوة والعقوق من أبنائهم بعد أن زار أحد الشعراء الشباب دار المسنين، ودار بينه وبين أحد المسنين حديث طويل، سرد فيه ذلك الشيخ قصته وما عاناه من أولاده وبناته. وقال السليمان ل«الحياة»: «بعد أن تغنيت بالقصيدة وجدتها أنهت الكثير من المعاناة بين الآباء وأبنائهم، واتذكر أنني كنت أعمل وفجأة بأحد الشبان يُقبل رأسي. ويقول: «أنت من أعاد العلاقة بيني وبين والدي الذي هجرته، وبالأمس ذهبت أجدد علاقة البر بوالدي، تأثراً بالنص الذي استمعت له في غنائك».