دفع البحث عن الشهرة والجماهيرية عدداً كبيراً من الشعراء الشعبيين إلى هجر أغراض شعرية عدة، والاكتفاء بكتابة القصائد التي تطرق السياسة، في محاولة منهم للوقوف على دائرة الضوء، والحصول على بريق وتوهج إعلامي. ويتناول شعراء شعبيون القضايا السياسية المؤثرة والحساسة لدى المواطن البسيط نظماً، برؤية تكتب من وراء عدسات «نظارة» المحلل السياسي، وبقلم امتزج حبره بين محبرة الشاعر والمحلل، من دون إمعان للنظر في تبعات ما يكتبون، ليصبح هيامهم في وديان الشعر على غير هدى منهم. ويرى الشاعر والإعلامي زايد الرويس أن حال الكتابة الشعرية السياسية التي يبتغي من ورائها الشاعر البحث عن الشهرة، غير صحية، لتشتت الشاعر وبحثه عن الأضواء بطريقة هستيرية، مشيراً إلى أن بعض الشعراء يتنقلون بين مواضيع سياسية ورياضية، من دون توجه معيّن، حتى أصبح ما يُكتب في بعض الأحيان مخالفاً لقناعاتهم. وأضاف ل«الحياة» أن كتابة الشعراء لا تؤثر في المتلقي بالقدر الذي تؤثر فيه الأبيات على أصحاب التوجه الحقيقي، لافتاً إلى عدم وجود «شاعر قضية» في الوطن الخليجي، لعدم وجود قضية مؤثرة يتبناها الشعراء. وذكر أن قضية الشاعر محمد بن الذيب جعلت عدداً كبيراً من الشعراء بسذاجتهم يحاولون استنساخ تجربة ابن الذيب، ويبحثون عن الشهرة عبر بوابة «السجن»، الأمر الذي يسبب الغباء والسذاجة، إذ إن قضية ابن الذيب خاصة وتمثله شخصياً، وليس كل من سجن من الشعراء يبزغ نجمه، متسائلاً عن نوع الشهرة التي سيجنيها الشاعر من دخوله للسجن! من جهته، طالب الشاعر والصحافي مبارك السيد الشعراء الشعبيين بإعادة المشهد الشعري العام إلى الحب، بقوله: «كان هناك إمبراطور ياباني مهتم بتثقيف شعبه، إذ تكفل بطباعة جميع الكتب التي تؤلف وتوزع على شعبه، وفي أحد الأيام وصله ديوان غزلي لأحد الشعراء، وبعد قراءته، وجد أن محتوى الديوان غزلي ومهتم بالحب، فأمر الإمبراطور بطباعة نسختين من الديوان وإهدائهما للشاعر ومحبوبته، ولو كان هذا الإمبراطور في زمننا الحالي لأمر بطباعة الديوان لجميع الشعوب، وكتب عليه يوزع مجاناً ولا يباع». بدوره، أكد الشاعر والصحافي في صحيفة «عكاظ اليوم» عبدالكريم الحارثي أن العادة جرت على أن يتناول الشعراء القضايا بمختلف توجهاتها، إلا أن الهمّ الأكبر لهم في الوقت الحالي أصبح البحث عن الشهرة والمال، ما دفعهم للتنازل عن قناعاتهم في معظم قصائدهم. وأضاف: «لو نظرنا إلى المشهد العام لوجدنا أن أكثر الشعراء في أمسياتهم يحرصون على البدء بالقصائد الوطنية، أو تلك التي تتناول قضية معينة، لإدراكهم أن هذه الأمور تكون بمثابة المفتاح لقلوب الجماهير، بينما يكون منبرالقصائد الغزلية والاجتماعية الأخرى مختلفاً، فأكثر الشعراء يحمل قضية ويتحدث عنها، ولكنه في مواقع التواصل الاجتماعي مختلف تماماً»، مشيراً إلى دور الاختلاف الفكري الموجود في الوقت الحالي، والنهضة الثقافية التي أسهمت فيها مواقع التواصل الاجتماعي بتأثيرها في الشعر. ويرى أن شريحة معينة من المجتمع لا تزال تتأثر بالأصوات وتنجرف خلفها، «إذ يتطرق بعض الشعراء إلى موضوع معين يجعل عدداً كبيراً من المتلقين ينجرفون خلفه، من دون علم أو دراية أو قناعة بالشخص ذاته، حتى أصبح عدد منهم يسلمون آذانهم لا للشعراء وحسب، بل لمختلف المحللين السياسيين والرياضيين».